فلبست الرداء من * طلبي عين صوته (مسألة أخرى) إنما كان كذا لكذا إنما انقسم العالم إلى شقي وسعيد للأسماء الإلهية فإن الرتبة الإلهية تطلب لذاتها إن يكون في العالم بلاء وعافية ولا يلزم من ذلك دوام شئ من ذلك إلا أن يشاء الله فقد كان ولا عالم وهو مسمى بهذه الأسماء فالأمر في هذا مثل الشرط والمشروط ما هو مثل العلة والمعلول فلا يصح المشروط ما لم يصح وجود الشرط وقد يكون الشرط وإن لم يقع المشروط فلما رأينا البلاء والعافية قلنا لا بد لهما من شرط وهو كون الحق إلها يسمى بالمبلي والمعذب والمنعم وكما إن كل ممكن قابل لأحد الحكمين أعني الضدين هو قابل أيضا لانتفاء أحد الضدين فالعالم كله ممكن فجائز أن ينتفي عنه أحد الحكمين فلا يلزم الخلود في الدار الآخرة في العذاب ولا في النعيم بل ذلك كله ممكن فإن ورد الخبر الإلهي الذي يفيد العلم بالنص الذي لا يحتمل التأويل بخلود العالم في أحد الحكمين أو بوقوع كل حكم في جزء من العالم معين وخلود ذلك الجزء فيه إلى ما لا يتناهى قبلناه وقلنا به وما ورد من الشارع أن العالم الذي هو في جهنم الذين هم أهلها ولا يخرجون منها أن بقاءهم فيها لوجود العذاب فكما ارتفع حكم العذاب عن ممكن ما وهم أهل الجنة كذلك يجوز أن يرتفع عن أهل النار وجود العذاب مع كونهم في النار لقوله وما هم بخارجين من النار وقال سبقت رحمتي غضبي ولا يلزم من وجود الشرط وجود المشروط فيكون الله إلها بجميع أسمائه ولا عذاب في العالم ولا ألم لأنه ليس ارتفاعه عن ممكن ما بأولى من ارتفاعه عن جميع الممكنات فلم يبق بأيدينا من طريق العقل دليل على وجود العذاب دائما ولا غيره فليس إلا النصوص المتواترة أو الكشف الذي لا يدخله شبهة فليس للعقل رده إذا ورد من الصادق النص الصريح أو الكشف الواضح (مسألة أخرى من هذا الباب) إنما صحت الصورة لآدم لخلقه باليدين فاجتمع فيه حقائق العالم بأسره والعالم يطلب الأسماء الإلهية فقد اجتمع فيه الأسماء الإلهية ولهذا خص آدم عليه السلام بعلم الأسماء كلها التي لها توجه إلى العالم ولم يكن ذلك العلم أعطاه الله للملائكة وهم العالم الأعلى الأشرف قال الله عز وجل وعلم آدم الأسماء كلها ولم يقل بعضها وقال عرضهم ولم يقل عرضها فدل على أنه عرض المسمين لا الأسماء وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم إني أسألك بكل اسم سميت به نفسك أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم غيبك فإن كان هذا الدعاء دعا به قبل نزول سورة البقرة عليه فلا معارضة بين الخبر والآية عند من يقول بأن الأسماء هنا هي الأسماء الإلهية فإنه صلى الله عليه وسلم لم يكن له علم بما خص الله به آدم على الملائكة كما قال صلى الله عليه وسلم ما أدري ما يفعل بي ولا بكم إن أتبع إلا ما يوحى به إلي وإن كان دعا به بعد نزول سورة البقرة فيكون يريد قوله كلها الأسماء الإلهية التي تطلب الآثار في العالم وما تعبد به من أسماء التنزيه والتقديس وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم في حديث الشفاعة فأحمد ربي بمحامد يعلمنيها الله لا أعلمها الآن مع قوله في حديث الضربة فعلمت علم الأولين والآخرين ومن علم الأولين علم الأسماء التي علمها الله آدم وربما يكون من علم الآخرين علم هذه المحامد التي يحمد بها ربه يوم القيامة (مسألة أخرى من هذا الباب) إنما كانت الخلافة لآدم عليه السلام دون غيره من أجناس العالم لكون الله تعالى خلقه على صورته فالخليفة لا بد أن يظهر فيما استخلف عليه بصورة مستخلفه وإلا فليس بخليفة له فيهم فأعطاه الأمر والنهي وسماه بالخليفة وجعل البيعة له بالسمع والطاعة في المنشط والمكره والعسر واليسر وأمر الله سبحانه عباده بالطاعة لله ولرسوله والطاعة لأولي الأمر منهم فجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الرسالة والخلافة كداود عليه السلام فإن الله نص على خلافته عن الله بقوله تعالى فاحكم بين الناس بالحق وأجمل خلافة آدم عليه السلام وما كل رسول خليفة فمن أمر ونهى وعاقب وعفا وأمر الله بطاعته وجمعت له هذه الصفات كان خليفة ومن بلغ أمر الله ونهيه ولم يكن له من نفسه إذن من الله تعالى أن يأمر وينهى فهو رسول يبلغ رسالات ربه وبهذا بان لك الفرقان بين الرسول والخليفة ولهذا جاء بالألف واللام في
(٢٦٣)