مجاور علم الكون علم إلهي * يقول الذي يعطاه كشف حقيقي وما هو من علم البرازخ خالص * وما هو علوي وما هو سفلي له في العلى وجه غريب محقق * وفي السفل وجه بالحقائق علوي وليس الذي يدريه ملك مخلص * ولا هو جني ولا هو إنسي ولكنها الأعيان لما تألفت * بدا لك شكل مستفاد كياني فقل فيه ما تهواء يقبله أصله * فلست تراه وهو للعين مرئي فما هو محكوم وليس بحاكم * فما هو غيبي وما هو حسي تنزه عن حصر الجهات ضياؤه * فلا هو شرقي ولا هو غربي فسبحان من أخفى عن العين ذاته * ويسرى مثال منه فينا اتصالي نراه إذا كنا وما هو عينه * ولكنه كشف صحيح خيالي تجلى لرأي العين في كل صورة * فذلك مقصودي بقولي مثالي اعلم أيدك الله بروح القدس أن هذا المنزل منزل الكمال وهو مجاور منزل الجلال والجمال هو من أجل المنازل والنازل فيه أتم نازل اعلم أن خرق العوائد على ثلاثة أقسام قسم منها يرجع إلى ما يدركه البصر أو بعض القوي على حسب ما يظهر لتلك القوة مما ارتبطت في العادة بإدراكه وهو في نفسه على غير ما أدركته تلك القوة مثل قوله تعالى يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى وهذا القسم داخل تحت قدرة البشر وهو على قسمين منه ما يرجع إلى قوة نفسية ومنه ما يرجع إلى خواص أسماء إذا تلفظ بتلك الأسماء ظهرت تلك الصور في عين الرائي أو في سمعه خيالا وما ثم في نفس الأمر أعني في المحسوس شئ من صورة مرئية ولا مسموعة وهو فعل الساحر وهو على علم أنه ما ثم شئ مما وقع في الأعين والأسماع والقسم الآخر الذي هو قوة نفسية يكون عنها فيما تراه العين أو أي إدراك كان ما كان من الأمر الذي ظهر عن خواص الأسماء والفرق بينهما إن الذي يفعله بطريق الأسماء وهو الساحر يعلم أنه ما ثم شئ من خارج وإنما لها سلطان على خيال الحاضرين فتخطف أبصار الناظرين فيرى صورا في خياله كما يرى النائم في نومه وما ثم في الخارج شئ مما يدركه وهذا القسم الآخر الذي للقوة النفسية منهم من يعلم أنه ما ثم شئ في الخارج ومنهم من لا يعلم ذلك فيعتقد إن الأمر كما رآه ذكر أبو عبد الرحمن السلمي في كتاب مقامات الأولياء في باب الكرامات منه أن عليما الأسود وكان من أكابر أهل الطريق إن بعض الصالحين اجتمع به في قصة أدته إلى أن ضرب عليم الأسود إلى أسطوانة كانت قائمة في المسجد من رخام فإذا هي كلها ذهب فنظر إليها الرجل أسطوانة ذهب فتعجب فقال له يا هذا إن الأعيان لا تنقلب ولكن هكذا تراها لحقيقتك بربك وهي غير ذلك فخرج من كلامه فيما يظهر لمن لا علم له بالأشياء ببادي الرأي أو من أول نظر أن الأسطوانة حجر كما كانت وليست ذهبا إلا في عين الرائي ثم إن الرجل أبصرها بعد ذلك حجرا كما كانت أول مرة قال تعالى في عصا موسى عليه السلام وما تلك بيمينك يا موسى قال هي عصاي ثم قال ألقها يا موسى فألقاها من يده في الأرض فإذا هي حية تسعى فلما خاف موسى عليه السلام منها على مجرى العادة في النفوس أنها تخاف من الحيات إذا فاجأتها لما قرن الله بها من الضرر لبني آدم وما علم موسى مراد الله في ذلك ولو علمه ما خاف فقال الله تعالى له خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى أي ترجع عصا كما كانت أو ترجع تراها عصا كما كانت فالآية محتملة فإن الضمير الذي في قوله عز وجل سنعيدها سيرتها الأولى إذا لم تكن عصا في حال كونها في نظر موسى حية لم يجد الضمير على من يعود كما إن الإنسان إذا عودك أمرا ما وهو أنه كان يحسن إليك ثم أساء إليك فتقول له قد تغيرت سيرتك معي ما أنت هو ذاك الذي كان يحسن إلي ومعلوم أنه هو فيقال له سيعود معك إلى سيرته الأولى من الإحسان إليك وهو في صورته ما تغير ولكن تغير عليك فعله معك وقدم الله هذا لموسى عليه السلام توطئة لما سبق في علمه سبحانه أن السحرة تظهر لعينه مثل هذا فيكون عنده علم من ذلك حتى لا يذهل ولا يخاف إذا وقع منهم عند إلقائهم حبالهم وعصيهم وخيل إلى موسى
(٢٣٤)