وهذا عندنا ممتنع لما بينا غير مرة من استحالة السهو على النبي صلى الله عليه وآله وللشافعي قول آخر بجوازه في غير الجمعة لا فيها فروع - آ - لا فرق في جواز الاستخلاف بين ما إذا أحدث الامام بعد الخطبتين قبل التحريم وبعدها فإذا استخلف صلى بهم من غير خطبة لخروج العهدة عنها بفعلها أولا وقال الشافعي على تقدير جوازه يجوز على تقدير عدمه لا يجوز ان يصلى غيره بهم الجمعة لان الخطبتين تقوم مقام ركعتين فيخطب بهم غيره ويصلى فإن لم يتسع الوقت صلى بهم الظهر أربعا - ب - لو أحدث بعد التحريم استخلف عندنا وأتموها جمعة قطعا وبه قال الشافعي على تقدير الجواز وعلى تقدير العدم لا يجوز فيصلى المأمومين فرادى ركعتين و إن كان أقل من ركعة صلوا ظهرا أربعا - ج - يجب ان يستخلف من هو بشرايط الإمامة فلو استخلف امرأة لامامة الرجال فهو لغو فلا تبطل صلاتهم إذا لم يقتدوا بها وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة ولا تبطل بالاستخلاف صلاتهم وصلاتها - د - لا يشترط في المستخلف كونه قد سمع الخطبة أو أحرم مع الامام سواء أحدث الامام في الركعة الأولى أو الثانية قبل الركوع للأصل ولقول معاوية بن عمار سألت الصادق (ع) عن رجل يأتي المسجد وهم في الصلاة وقد سبقه الامام بركعة أو أكثر فينفتل الامام فيأخذ بيده ويكون أدنى القوم إليه فيقدمه فقال يتم القوم الصلاة ثم يجلس حتى إذا فرغوا من التشهد أومى بيده إليهم عن اليمين وعن الشمال وكان للذي أومى إليهم بيده التسليم وانقضاء صلاتهم وأتم هو ما كان فاته ان بقى عليه وقال الشافعي ان استخلف بعد الخطبة قبل ان يحرم بالصلاة جاز ان يستخلف من حضرها وسمعها لأنه ثبت له حكمها بسماعه إياها ولهذا لو بدر أربعون ممن سمع الخطبة فعقدوها صحت ولو صلى أربعون ممن لم يسمعها لم تنعقد بهم ولا يجوز ان يستخلف من لا يسمعها وان أحدث بعد التحريم فإن كان في الركعة الأولى جاز ان يستخلف من أحرم معه قبل حدثه سواء كان دخل معه قبل الركوع أو بعده وان لم يكن سمع الخطبة لأنه بدخوله معه في الصلاة ثبت له حكمها ولا يجوز أن يستخلف معه من لم يدخل معه لأنه يكون مبتديا للجمعة ولا يجوز عقد جمعة بعد جمعة بخلاف المسبوق لأنه متبع لا مبتدى وان أحدث في الثانية جاز أن يستخلف من دخل معه قبل الركوع أو فيه ويتمون معه الجمعة وهل يتم هو الجمعة والظهر قال أكثر أصحابه بالأول وهو جيد عندنا لأنه أدرك الجمعة بادراكه راكعا وان استخلف من دخل معه بعد الركوع قال أكثر أصحابه لا يجوز لان فرضه الظهر فلا يجوز ان يكون إماما في الجمعة وقال بعضهم يجوز كالمسبوق والمسافر يأتم بالمقيم وعندي في ذلك تردد وكذا التردد لو استناب من يبتدئ بالظهر - ه - لو أحدث في الأولى فاستخلف من قد أحرم معه صح ثم صلى المستخلف لهم الثانية فلما قام أحدث واستخلف من أدرك الركعة الثانية صلى المستخلف الثاني ركعة وأشار إليهم ان يسلم بهم أحدهم وقام هو فأتمها جمعة لأنه أدرك ركعة من جمعة صحيحه وقال الشافعي يتمها ظهرا لان للمأمومين اتباعه فلا يمكن بناء حكمه على حكمهم ولا يمكن ان يبنى حكمه على ما حكم الامام الأول لأنه ما تمت الجمعة فلا وجه لاتيان حكم الجمعة في حقه وهو ممنوع ثم قال لو جاء مسبوق آخر واقتدى بهذا المسبوق وقلنا إن المحسوب له ركعة من الظهر فيحسب للمقتدى به ركعة من الجمعة لأنه في حق المأمومين ينزل منزلة الإمامة - و - لو لم يستنب الامام أو مات أو أغمي عليه فإن كان بعد ركعة استناب المأمومون وقدموا من يأتم بهم الصلاة وللواحد منهم ان يتقدم بل هو أولي لان الامام قد خرج والمأمومون في الصلاة وبه قال الشافعي وفيه إشكال ينشأ من اشتراط الامام أو إذنه عندنا ومن كونها جمعة انعقدت صحيحة فيجب إكمالها والاذن شرط في الابتداء لا في الاكمال فان قلنا بالأول احتمل ان يتموها جمعة وفرادى كما لو ماتوا الا واحدا وان يتموها ظهرا لعدم الشرط وهو الجماعة مع التعدد وإن كان في الأولى قبل الركوع احتمل إتمامها ظهرا إذا لم يدرك أحد منهم ركعة فلم يدركوا الصلاة وجمعة لانعقادها صحيحة فتكمل كما لو بقى الامام وكلا الوجهين للشافعي - ز - لا فرق في جواز الاستخلاف بين ان يحدث الامام عمدا أو سهوا وبه قال الشافعي لما بيناه من أن بطلان صلاة الامام لا يقتضى بطلان صلاة المأموم وقال أبو حنيفة ان تعمد بطلت صلاتهم كلهم - ح - الأقرب وجوب اتحاد الامام والخطيب إلا لعذر كالحدث وشبهه لان العادة قاضية بأن المتولي لهما واحد من زمن النبي صلى الله عليه وآله إلى الآن ويحتمل عدمه لجواز تعدد الأئمة في صلب الصلاة في الحدث فجاز في غيره - ط - لو استناب لم يجب على المأمومين استيناف نية القدوة لأنه خليفة الأول والغرض من الاستخلاف تنزيل الخليفة منزلة الأول وإدامة الجماعة وهو أحد وجهي الشافعية وفيه اشكال ينشأ من وجوب تعين الامام فيجب استيناف نية القدوة وفى الاخر يشترط لانهم انفردوا بخروج الامام من الصلاة وكذا لو لم يستنب الامام وقدم المأمومون إماما - ى - لو مات الامام فاستناب المأمومون لم تبطل صلاة المتلبس وأتم جمعة إما غيره فيصلى الظهر ويحتمل الدخول معهم لأنها جمعة مشروعة البحث الثالث العدد مسألة العدد شرط باجماع العلماء كافة لان تسميتها جمعة من الاجتماع المستلزم للتكثير ولان الامام شرط ولا يتحقق مسماه إلا بالمأموم واختلفوا في أقل عدد تجب معه الجمعة فقال بعض علمائنا أقله خمسة نفر الامام أحدهم لان الخطاب متوجه بصيغة الجمع وأقل عدد يحتمله حقيقة الثلاثة وإنما أوجب عند النداء الحاصل من الغير فيثبت رابع وانما يجب السعي عند النداء مع حصول الشرايط التي من جملتها الامام فيجب الخامس ولأنها إنما تجب على القسمين والاستيطان مع الاجتماع مظنة التنازع فلا بد من حاكم يفصل بين المنازعين فوجب الثلاث ثم لما كانت الحوادث والعوايق تعتور الانسان وجب ان يكون للحاكم نايب يقوم مقامه لو عرض له حادث يمنعه عن فصل المتنازعين فوجب الرابع ثم لما كان الاجتماع مظنة التنازع المفضى إلى الافتراء احتيج إلى من يستوفى الحدود بإذن الحاكم مباشرة فوجب الخامس فثبت ان الأمور الضرورية لا بد فيها من حصول خمسة نفر ولقول الباقر (ع) لا تكون الخطبة والجمعة وصلاة ركعتين على أقل من خمسة رهط الامام وأربع وقال الصادق (ع) يجمع القوم يوم الجمعة إذا كانوا خمسة فما زاد وإن كانوا أقل من خمسة فلا جمعة وقال الشيخ سبعة نفر أحدهم الامام لافتقار الاستيطان إلى متنازعين وشاهدين وحاكم ونائبه ومستوفى الحدود ولقول الباقر (ع) تجب الجمعة على سبعة ولا تجب على أقل منهم وحمل ما تقدم من الروايتين على استحبابها للخمس ولا ضرورة إلى الشاهدين والرواية ليست خاصة على المطلوب لان أقل من السبعة قد يكون أقل من الخمسة فيحمل عليه جمعا بين الأدلة ولان روايتنا أكثر رواة وأقرب إلى مطابقة القرآن ولان الخيار مع الخمسة يستلزم الوجوب لقوله تعالى فاسعوا وقال الشافعي لا تنعقد بأقل من أربعين رجلا على الشرائط الآتية وهل الامام أحدهم وجهان وبه قال عمر بن عبد العزيز ومالك واحمد لقول جابر بن عبد الله مضت السنة ان في كل أربعين فما فوقها جمعة وقال الصحابي مضت السنة كقوله قال النبي صلى الله عليه وآله وتعليق الحكم على العدد ولا يقتضى نفيه عما هو أقل أو أكثر ونمنع مساواته مضت السنة لقوله قال النبي صلى الله عليه وآله وقال احمد في رواية لا تنعقد إلا بخمسين لقوله (ع) تجب الجمعة على خمسين رجلا ودلالة المفهوم ضعيفة وقال أبو حنيفة والثوري ومحمد تنعقد بأربعة أحدهم الامام لان الأربعة عدد يزيد على أقل الجمع المطلق فجاز عقد الجمعة به كالأربعين ونمنع العلية وقال الأوزاعي وأبو يوسف تنعقد بثلاثة لعموم الامر وقد بينا خصوصه وقال ربيعة
(١٤٦)