فيختلف باختلاف كيفية الإعانة، لأنها تارة تكون من المعدات البعيدة، وأخرى من القريبة، فإن كانت من المعدات البعيدة، فلا ضمان على المعين، بل عليه الإثم فقط، كمن قدم حجرا إلى شخص فرمى به طائرا مملوكا فأتلفه، فإن الضمان هنا على المباشر للإتلاف وهو الرامي (1).
وأما لو كانت من المعدات القريبة بحيث يستند الفعل إلى المعين والمعان، فالضمان عليهما، كما إذا تعاون اثنان فأججا نارا - بحيث استند ذلك إليهما - فسرت إلى مال شخص آخر فأتلفته، فالضمان عليهما (2).
ب - وإن كان في الإعانة على البر، كمن أتلف مال شخص لإنقاذ شخص آخر من الحرق أو الغرق - كما إذا توقف ذلك على هدم حائط أو كسر باب أو إتلاف زرع ونحو ذلك - ففيه حالات:
لأن المالك إما أن يأذن بإتلاف ماله، أو يرضى به بعد إتلافه، أو لا:
فإذا أذن أو رضي فلا إشكال في عدم الضمان.
وإن لم يأذن ولم يرض فلا يرتفع الضمان، لأن جواز إتلاف مال الآخر إنما استند إلى وقوع التزاحم بين حرمة التصرف في مال الغير ووجوب إنقاذ النفس المحترمة، وترجيح الثاني لأهميته، وبه ترفع اليد عن حرمة التصرف في مال الغير، أما الضمان فلم يرتفع بذلك (1).
ولكن هل تجب الإعانة مطلقا حتى في صورة تضرر المعين بضمان ما يتلفه أو لا؟ وهل يرجع المعين فيما ضمنه على المعان أو لا؟
كل ذلك بحاجة إلى التأمل، لقلة التعرض لأمثال هذه الفروع. وسوف نحاول تكميل ذلك في موطنه الأصلي وهو عنوان " ضمان " إن شاء الله تعالى.
4 - أن يستلزم ترك الإعانة الإتلاف، كما إذا كان عنده طعام فطلبه المضطر فلم يدفعه إليه فمات جوعا، أو كمن كان في حالة الغرق أو الحرق فترك إعانته وهو قادر عليها، حتى مات.
صرح بعض الفقهاء - كصاحب الجواهر (2) - بعدم الضمان في هذه الصورة، لأن ترك الإعانة يترتب عليه الحكم التكليفي وهو الحرمة، ولا يترتب عليه الحكم الوضعي وهو الضمان.
وبعبارة أخرى: أن الموت لم يستند إلى ترك الإعانة كي يترتب عليه الضمان.
لكن يظهر من بعض آخر القول بالضمان في