ومنه يعلم الوجه في تخير المالك في الرجوع عليهما، فإن رجع على المكره بالكسر لم يرجع على المكره بالفتح، بخلاف العكس على نحو ما سمعته في قرار الضمان على من تلف المال في يده في الأيادي المتعاقبة.
كما أنه مما ذكرنا يعلم الفرق بين المضمون في يد المكره وبين غيره كالوديعة، وإن كان فيه البحث السابق، فتأمل جيدا، فإنه دقيق نافع في أطراف المسألة.
هذا وكان المصنف أشار بالاقتصار على المال إلى الاحتراز عن النفس فإن الاكراه على إتلافها لا يوجب سقوط الضمان عن المكره، نعم في الجرح إشكال من حيث تناول قوله (عليه السلام) (1): " لا تقية في الدماء " له وعدمه، وقد تقدم لنا بعض الكلام في ذلك، ويأتي إنشاء الله تعالى، والله العالم.
(ولو أرسل في ملكه ماء فأغرق مال غيره أو أجج نارا فيه فأحرق لم يضمن ما لم يتجاوز قدر حاجته اختيارا) ولا علم ولا ظن التعدي فضلا عما لو علم أو ظن عدم التعدي بلا خلاف أجده فيه، بل في المسالك الاتفاق، للأصل بعد عدم التفريط وعموم تسلط الناس على أموالهم (2).
وزاد في المسالك بأن سببيته في الاتلاف ضعيفة بالإذن له من قبل الشارع في فعل ذلك في ملكه، فلا يتعقبه ضمان.
وإن كان لا يخلو من نظر إن لم يكن إجماعا مع فرض إسناد الاتلاف إلى فعله، لظهور خطأ ظنه أو قطعه وقدرته على المنع، لصدق الاتلاف