ذلك الشئ وجدت له من الوجوه ما يقابل به تلك الأسماء التي تدل عليها وهي الحقائق التي ذكرناها مثال ذلك ما ثبت لك في العلم الذي في ظاهر العقول وتحت حكمها في حق موجود ما فرد لا ينقسم مثل الجوهر الفرد الجزء الذي لا ينقسم فإن فيه حقائق متعددة تطلب أسماء إلهية على عددها فحقيقة إيجاده يطلب الاسم القادر ووجه إحكامه يطلب الاسم العالم ووجه اختصاصه يطلب الاسم المريد ووجه ظهوره يطلب الاسم البصير والرائي إلى غير ذلك فهذا وإن كان فردا فله هذه الوجوه وغيرها مما لم نذكرها ولكل وجه وجوه متعددة تطلب من الأسماء بحسبها وتلك الوجوه هي الحقائق عندنا الثواني والوقوف عليها عسير وتحصيلها من طريق الكشف أعسر واعلم أن الأسماء قد نتركها على كثرتها إذا لحظنا وجوه الطالبين لها من العالم وإذا لم نلحظ ذلك فلنرجع ونلحظ أمهات المطالب التي لا غنى لنا عنها فنعرف إن الأسماء التي الأمهات موقوفة عليها هي أيضا أمهات الأسماء فيسهل النظر ويكمل الغرض ويتيسر التعدي من هذه الأمهات إلى البنات كما يتيسر رد البنات إلى الأمهات فإذا نظرت الأشياء كلها المعلومة في العالم العلوي والسفلي تجد الأسماء السبعة المعبر عنها بالصفات عند أصحاب علم الكلام تتضمنها وقد ذكرنا هذا في كتابنا الذي سميناه إنشاء الدوائر وليس غرضنا في هذا الكتاب في هذه الأمهات السبعة المعبر عنها بالصفات ولكن قصدنا الأمهات التي لا بد لإيجاد العالم منها كما إنا لا نحتاج في دلائل العقول من معرفة الحق سبحانه إلا كونه موجودا عالما مريدا قادرا حيا لا غير وما زاد على هذا فإنما يقتضيه التكليف فمجئ الرسول ع جعلنا نعرفه متكلما والتكليف جعلنا نعرفه سميعا بصيرا إلى غير ذلك من الأسماء فالذي نحتاج إليه من معرفة الأسماء لوجود العالم وهي أرباب الأسماء وما عداها فسدنة لها كما إن بعض هذه الأرباب سدنة لبعضها فأمهات الأسماء الحي العالم المريد القادر القائل الجواد المقسط وهذه الأسماء بنات الإسمين المدبر والمفصل فالحي يثبت فهمك بعد وجودك وقبله والعالم يثبت أحكامك في وجودك وقبل وجودك يثبت تقديرك والمريد يثبت اختصاصك والقادر يثبت عدمك والقائل يثبت قدمك والجواد يثبت إيجادك والمقسط يثبت مرتبتك والمرتبة آخر منازل الوجود فهذه حقائق لا بد من وجودها فلا بد من أسمائها التي هي أربابها فالحي رب الأرباب والمربوبين وهو الإمام ويليه في الرتبة العالم ويلي العالم المريد ويلي المريد القائل ويلي القائل القادر ويلي القادر الجواد وآخرهم المقسط فإنه رب المراتب وهي آخر منازل الوجود وما بقي من الأسماء فتحت طاعة هؤلاء الأسماء الأئمة الأرباب وكان سبب توجه هؤلاء الأسماء إلى الاسم الله في إيجاد العالم بقية الأسماء مع حقائقها أيضا على إن أئمة الأسماء من غير نظر إلى العالم إنما هي أربعة لا غير اسمه الحي والمتكلم والسميع والبصير فإنه إذا سمع كلامه ورأى ذاته فقد كمل وجوده في ذاته من غير نظر إلى العالم ونحن لا نريد من الأسماء إلا ما يقوم بها وجود العالم فكثرت علينا الأسماء فعدلنا إلى أربابها فدخلنا عليهم في حضراتهم فما وجدنا غير هؤلاء الذين ذكرناهم وأبرزناهم على حسب ما شاهدناهم فكان سبب توجه أرباب الأسماء إلى الاسم الله في إيجاد أعياننا بقية الأسماء فأول من قام لطلب هذا العالم الاسم المدبر والمفصل عن سؤال الاسم الملك فعند ما توجه على الشئ عنه وجد المثال في نفس العالم من غير عدم متقدم ولكن تقدم مرتبة لا تقدم وجود كتقدم طلوع الشمس على أول النهار وإن كان أول النهار مقارنا لطلوع الشمس ولكن قد تبين أن العلة في وجود أول النهار طلوع الشمس وقد قارنه في الوجود فهكذا هو هذا الأمر فلما دبر العالم وفصله هذان الإسمان من غير جهل متقدم به أو عدم علم وانتشأت صورة المثال في نفس العالم تعلق اسمه العالم إذ ذاك بذلك المثال كما تعلق بالصورة التي أخذ منها وإن كانت غير مرئية لأنها غير موجودة كما سنذكره في باب مم وجد العالم فأول أسماء العالم هذان الإسمان والاسم المدبر هو الذي حقق وقت الإيجاد المقدر فتعلق به المريد على حد ما أبرزه المدبر ودبره وما عملا شيئا من نش ء هذا المثال إلا بمشاركة بقية الأسماء لكن من وراء حجاب هذين الإسمين ولهذا صحت لهما الإمامة والآخرون لا يشعرون بذلك حتى بدت صورة المثال فرأوا ما فيه من الحقائق المناسبة لهم تجذبهم للتعشق بها فصار كل اسم يتعشق بحقيقته التي في المثال ولكن لا يقدر على التأثير فيها إذ لا تعطي الحضرة التي تجلى فيها هذا المثال فأداهم ذلك التعشق والحب إلى الطلب والسعي والرغبة في إيجاد صورة عين ذلك المثال ليظهر سلطانهم ويصح على الحقيقة وجودهم
(١٠٠)