أسلك والركن الذي إليه أستند في علومي كلها وإن شئت أبديت لك منه طرفا من باب العدد وإن كان أبو الحكم عبد السلام بن برجان لم يذكره في كتابه من هذا الباب الذي نذكره وإنما ذكره رحمه الله من جهة علم الفلك وجعله سترا على كشفه حين قطع بفتح بيت المقدس سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة فكذلك إن شئنا نحن كشفنا وإن شئنا جعلنا العدد على ذلك حجابا فنقول إن البضع الذي في سورة الروم ثمانية وخذ عدد حروف ألم بالجزم الصغير فتكون ثمانية فتجمعها إلى ثمانية البضع فتكون ستة عشر فتزيل الواحد الذي للألف للاس فيبقى خمسة عشر فتمسكها عندك ثم ترجع إلى العمل في ذلك بالجمل الكبير وهو الجزم فتضرب ثمانية البضع في أحد وسبعين واجعل ذلك كله سنين يخرج لك في الضرب خمسمائة وثمانية وستون فتضيف إليها الخمسة عشر التي أمرتك أن ترفعها فتصير ثلاثة وثمانين وخمسمائة سنة وهو زمان فتح بيت المقدس على قراءة من قرأ غلبت الروم بفتح الغين واللام سيغلبون بضم الياء وفتح اللام وفي سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة كان ظهور المسلمين في أخذ حج الكفار وهو فتح بيت المقدس ولنا في علم العدد من طريق الكشف أسرار عجيبة من طريق ما يقتضيه طبعه ومن طريق ما له من الحقائق الإلهية وإن طال بنا العمر فسأفرد لمعرفة العدد كتابا إن شاء الله فلنرجع إلى ما كنا بسبيله فنقول فلا يكمل عبد الأسرار التي تتضمنها شعب الايمان إلا إذا علم حقائق هذه الحروف على حسب تكرارها في السور كما أنه إذا علمها من غير تكرار علم تنبيه الله فيها على حقيقة الإيجاد وتفرد القديم سبحانه بصفاته الأزلية فأرسلها في قرآنه أربعة عشر حرفا مفردة مبهمة فجعل الثمانية لمعرفة الذات والسبع الصفات منا وجعل الأربعة للطبائع المؤلفة التي هي الدم والسوداء والصفراء والبلغم فجاءت اثنتي عشرة موجودة وهذا هو الإنسان من هذا الفلك ومن فلك آخر يتركب من أحد عشر ومن عشرة ومن تسعة ومن ثمانية حتى إلى فلك الاثنين ولا يتحلل إلى الأحدية أبدا فإنها مما انفرد بها الحق فلا تكون لموجود إلا له ثم إنه سبحانه جعل أولها الألف في الخط والهمزة في اللفظ وآخرها النون فالألف لوجود الذات على كمالها لأنها غير مفتقرة إلى حركة والنون لوجود الشطر من العالم وهو عالم التركيب وذلك نصف الدائرة الظاهرة لنا من الفلك والنصف الآخر النون المعقولة عليها التي لو ظهرت للحس وانتقلت من عالم الروح لكانت دائرة محيطة ولكن أخفى هذه النون الروحانية الذي بها كمال الوجود وجعلت نقطة النون المحسوسة دالة عليها فالألف كاملة من جميع وجوهها والنون ناقصة فالشمس كاملة والقمر ناقص لأنه محو فصفة ضوئه معارة وهي الأمانة التي حملها وعلى قدر محوه وسراره إثباته وظهوره ثلاثة لثلاثة فثلاثة غروب القمر القلبي الإلهي في الحضرة الأحدية وثلاثة طلوع قمر الإلهي في الحضرة الربانية وما بينهما في الخروج والرجوع قدما بقدم لا يختل أبدا ثم جعل سبحانه هذه الحروف على مراتب منها موصول ومنها مقطوع ومنها مفرد ومثنى ومجموع ثم نبه أن في كل وصل قطعا وليس في كل قطع وصل فكل وصل يدل على فصل وليس كل فصل يدل على وصل فالوصل والفصل في الجمع وغير الجمع والفصل وحده في عين الفرق فما أفرده من هذه فإشارة إلى فناء رسم العبد أزلا وما ثناه فإشارة إلى وجود رسم العبودية حالا وما جمعه فإشارة إلى الأبد بالموارد التي لا تناهى فالإفراد للبحر الأزلي والجمع للبحر الأبدي والمثنى للبرزخ المحمدي الإنسان مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان فبأي آلاء ربكما تكذبان هل بالبحر الذي أوصله به فأفناه عن الأعيان أو بالبحر الذي فصله عنه وسماه بالأكوان أو بالبرزخ الذي استوى عليه الرحمن فبأي آلاء ربكما تكذبان يخرج من بحر الأزل اللؤلؤ ومن بحر الأبد المرجان فبأي آلاء ربكما تكذبان وله الجواري الروحانية المنشئات من الحقائق الأسمائية في البحر الذاتي الأقدسي كالأعلام فبأي آلاء ربكما تكذبان يسأله العالم العلوي على علوه وقدسه والعالم السفلي على نزوله ونحسه كل خطرة في شأن فبأي آلاء ربكما تكذبان كل من عليها فإن وإن لم تنعدم الأعيان ولكنها رحلة من دنا إلى دان فبأي آلاء ربكما تكذبان سنفرغ منكم إليكم أيها الثقلان فبأي آلاء ربكما تكذبان فهكذا لو اعتبر القرآن ما اختلف اثنان ولا ظهر خصمان ولا تناطح عنزان فدبروا آياتكم ولا تخرجوا عن ذاتكم فإن كان ولا بد فإلى صفاتكم فإنه إذا سلم العالم من نظركم وتدبيركم كان على الحقيقة تحت تسخيركم ولهذا خلق قال
(٦٠)