ما ليس عند الغير فبسائط المحققين على ست مراتب مرتبة للمكلف الحق تعالى وهي النون وهي ثنائية فإن الحق لا نعلمه إلا منا وهو معبودنا ولا يعلم على الكمال إلا بنا فلهذا كان له النون التي هي ثنائية فإن بسائطها اثنان الواو والألف فالألف له والواو لمعناك وما في الوجود غير الله وأنت إذ أنت الخليفة ولهذا الألف عام والواو ممتزجة كما سيأتي ذكرها في هذا الباب ودورة هذا الفلك المخصوصة التي بها تقطع الفلك المحيط الكلي دورة جامعة تقطع الفلك الكلي في اثنين وثمانين ألف سنة وتقطع فلك الواو الفلك الكلي في عشرة آلاف سنة على ما نذكرها بعد في هذا الباب عند كلامنا على الحروف مفردة وحقائقها وما بقي من المراتب فعلى عدد المكلفين وأما المرتبة الثانية فهي للإنسان وهو أكمل المكلفين وجودا وأعمه وأتمه خلقا وأقومه ولها حرف واحد وهي الميم وهي ثلاثية وذلك أن بسائطها ثلاثة الياء والألف والهمزة وسيأتي ذكرها في داخل الباب إن شاء الله وأما المرتبة الثالثة فهي للجن مطلقا النوري والناري وهي رباعية ولها من الحروف الجيم والواو والكاف والقاف وسيأتي ذكرها وأما المرتبة الرابعة فهي للبهائم وهي خماسية لها من الحروف الدال اليابسة والزاي والصاد اليابسة والعين اليابسة والضاد المعجمة والسين اليابسة والذال المعجمة والغين والشين المعجمتان وسيأتي ذكرها إن شاء الله وأما المرتبة الخامسة فهي للنبات وهي سداسية لها من الحروف الألف والهاء واللام وسيأتي ذكرها إن شاء الله وأما المرتبة السادسة فهي للجماد وهي سباعية لها من الحروف الباء والحاء والطاء والياء والفاء والراء والتاء والثاء والخاء والظاء وسيأتي ذكرها إن شاء الله والغرض في هذا الكتاب إظهار لمع ولوائح إشارات من أسرار الوجود ولو فتحنا الكلام على سرائر هذه الحروف وما تقتضيه حقائقها لكلت اليمين وحفي القلم وجف المداد وضاقت القراطيس والألواح ولو كان الرق المنشور فإنها من الكلمات التي قال الله تعالى فيها لو كان البحر مدادا وقال ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله وهنا سر وإشارة عجيبة لم تفطن لها وعثر على هذه الكلمات فلو كانت هذه العلوم نتيجة عن فكر ونظر لانحصر الإنسان في أقرب مدة ولكنها موارد الحق تعالى تتوالى على قلب العبد وأرواحه البررة تنزل عليهم من عالم غيبه برحمته التي من عنده وعلمه الذي من لدنه والحق تعالى وهاب على الدوام فياض على الاستمرار والمحل قابل على الدوام فأما يقبل الجهل وإما يقبل العلم فإن استعد وتهيأ وصفى مرآة قلبه وجلاها حصل له الوهب على الدوام ويحصل له في اللحظة ما لا يقدر على تقييده في أزمنة لاتساع ذلك الفلك المعقول وضيق هذا الفلك المحسوس فكيف ينقضي ما لا يتصور له نهاية ولا غاية يقف عندها وقد صرح بذلك في أمره لرسوله ع وقل رب زدني علما والمراد بهذه الزيادة من العلم المتعلق بالإله ليزيد معرفة بتوحيد الكثرة فتزيد رغبته في تحميده فيزاد فضلا على تحميده دون انتهاء ولا انقطاع فطلب منه الزيادة وقد حصل من العلوم والأسرار ما لم يبلغه أحد ومما يؤيد ما ذكرناه من أنه أمر بالزيادة من علم التوحيد لا من غيره إنه كان صلى الله عليه وسلم إذا أكل طعاما قال اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه وإذا شرب لبنا قال اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه لأنه أمر بطلب الزيادة فكان يتذكر عند ما يرى اللبن الذي شربه ليلة الإسراء فقال له جبريل أصبت الفطرة أصاب الله بك أمتك والفطرة علم التوحيد التي فطر الله الخلق عليها حين أشهدهم حين قبضهم من ظهورهم ألست بربكم قالوا بلي فشاهدوا الربوبية قبل كل شئ ولهذا تأول صلى الله عليه وسلم اللبن لما شربه في النوم وناول فضله عمر قيل ما أولته يا رسول الله قال العلم فلولا حقيقة مناسبة بين العلم واللبن جامعة ما ظهر بصورته في عالم الخيال عرف ذلك من عرفه وجهله فمن كان يأخذ عن الله لا عن نفسه كيف ينتهي كلامه أبدا فشتان بين مؤلف يقول حدثني فلان رحمه الله عن فلان رحمه الله وبين من يقول حدثني قلبي عن ربي وإن كان هذا رفيع القدر فشتان بينه وبين من يقول حدثني ربي عن ربي أي حدثني ربي عن نفسه وفيه إشارة الأول الرب المعتقد والثاني الرب الذي لا يتقيد فهو بواسطة لا بواسطة وهذا هو العلم الذي يحصل للقلب من المشاهدة الذاتية التي منها يفيض على السر والروح والنفس فمن كان هذا مشربه كيف يعرف مذهبه فلا تعرفه حتى تعرف الله وهو لا يعرف تعالى من جميع وجوه المعرفة كذلك هذا لا يعرف فإن العقل لا يدري أين هو فإن مطلبه
(٥٧)