فإذا قالها يقول الله يذكرني عبدي فينبغي على هذا أن يكون العامل في بسم الله الرحمن الرحيم أذكر فتتعلق الباء بهذا الفعل إن صح هذا الخبر وإن لم يصح فيكون الفعل اقرأ بسم الله فإنه ظاهر في اقرأ باسم ربك هذا يتكلفه لقولهم إن المصادر لا تعمل عمل الأفعال إلا إذا تقدمت وأما إذا تأخرت فتضعف عن العمل وهذا عندنا غير مرضي في التعليل لأنه تحكم من النحوي فإن العرب لا تعقل ولا تعلل فيكون تعلق البسملة عندي بقوله الحمد لله بأسمائه فإن الله لا يحمد إلا بأسمائه غير ذلك لا يكون ولا ينبغي أن نتكلف في القرآن محذوفا إلا لضرورة وما هنا ضرورة فإن صح قول رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله تبارك وتعالى إن العبد إذا قال بسم الله الرحمن الرحيم في مناجاته في الصلاة يقول الله يذكرني عبدي فلا نزاع هكذا روى هذا الخبر عبد الله بن زياد بن سمعان عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج ثلاث غير تمام فقيل لأبي هريرة إنا نكون وراء الإمام فقال اقرأ بها في نفسك فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قال الله تعالى قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل يقول عبدي إذا افتتح الصلاة بسم الله الرحمن الرحيم فيذكرني عبدي يقول العبد الحمد لله رب العالمين قال الله حمدني عبدي وسيأتي الحديث مفصلا في كل كلمة إن شاء الله تعالى كما ذكرت ألفاظ التوجيه إلى آخر الفاتحة وذكره سلم هذا الحديث من حديث سفيان بن عيينة عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة ولم يذكر البسملة فيه فإذا قال العالم بالله بسم الله الرحمن الرحيم علق الباء بما في الحمد من معنى الفعل كما قلنا يقول لا يثني على الله إلا بأسمائه الحسنى فذكر من ذلك ثلاثة أسماء الاسم الله لكونه جامعا غير مشتق فينعت ولا ينعت به فإنه للأسماء كالذات للصفات فذكره أولا من حيث إنه دليل على الذات كالأسماء الأعلام كلها في اللسان وإن لم يقو قوة الإعلام لأنه وصف للمرتبة كاسم السلطان فلما لم يدل إلا على الذات المجردة على الإطلاق من حيث ما هي لنفسها من غير نسب لم يتوهم في هذا الاسم اشتقاق ولهذا سميت بالبسملة وهو الاسم مع الله أي قولك بسم الله خاصة مثل العبدلة وهو قولك عبد الله وكذلك الحوقلة وهو الحول والقوة مع الله ثم قال إن العبد قال بعد بسم الله الرحمن الرحيم من الأسماء المركبة كمثل بعلبك ورام هرمز فسماه به من حيث ما هو اسم له لا من حيث المرحومين ولا من حيث تعلق الرحمة بهم بل من حيث ما هي صفة له جل جلاله فإنه ليس لغير الله ذكر في البسملة أصلا ومهما ورد اسم إلهي لا يتقدمه كون يطلب الاسم ولا يتأخر كون يطلبه الاسم في الآية فإن ذلك الاسم ينظر فيه العارف من حيث دلالته على الذات المسماة به لا من حيث الصفة المعقولة منه ولا من حيث الاشتقاق الذي يطلبه الكون بخلاف الاسم الإلهي إذا ورد في أثر كون أو في أثره كون أو بين كونين فإنه إذا ورد الكون في أثره فذلك الكون نتيجته وبه يتعلق وإياه يطلب فإنه صادر عنه إذا تدبرته وجدته مثل قوله الرحمن علم القرآن خلق الإنسان وإذا تقدم الكون وجاء الاسم الإلهي في أثره فإنه الأول والآخر كان على العكس من الأول مثل اتقوا الله وقوله ويعلمكم الله فأظهر التقوى ما يتقى منه وهو الاسم الله وفي الأول أظهر الاسم الإلهي عين الإنسان وكذلك ويعلمكم الله أظهر التعليم الاسم الإلهي وهو الله فإذا وقع الكون بين اسمين إلهيين كان الكون للأول بحكم النتيجة وللآخر بحكم المقدمة مثل وقوع العالمين بين الاسم الرب والرحمن في قوله الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم ومثل قوله واتقوا الله ويعلمكم الله فوقع ويعلمكم بين اسمين تقدمه الاسم الله وتأخر عنه الاسم الله بمعنيين مختلفين فأثر فيه الاسم الأول طلب التعليم وقبل التعليم بالاسم الثاني وكذلك إذا وقع الاسم الإلهي بين اسم إلهي يتقدمه وبين كون يتأخر عنه مثل الاسم الرب بين الله والعالمين في قوله الحمد لله رب العالمين في آخر الزمر أو بين كون يتقدمه واسم إلهي يتأخر عنه مثل قوله العالمين الرحمن الرحيم ملك فالرحمن الرحيم تقدمه كلمة العالمين وتأخر عنه ملك يوم الدين فأظهر عين العالمين الرحمن الرحيم لافتقارهم إلى الرحمتين الرحمة العامة والخاصة والواجبة والامتنانية وطلب الرحمن الرحيم ملك يوم الدين ليظهر من كونه ملكا سلطان الرحمن الرحيم فإن الرحمة من جانب الملك هي رحمة عزة وامتنان مع استغناء بخلاف رحمة غير الملك كرحمة الأم بولدها للشفقة الطبيعية فتدفع الأم بالرحمة على ولدها ما تجده من الألم بسببه في نفسها فنفسها رحمته ولنفسها سعت
(٤٢٢)