الله صلى الله عليه وسلم وهذا الوصي من الأفراد وطريقه في مآخذ العلوم طريق الخضر صاحب موسى عليه السلام فهو على شرعنا وإن اختلف الطريق الموصل إلى العلم الصحيح فإن ذلك لا يقدح في العلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمن أعطى الولاية من غير مسألة إن الله يعينه عليها وإن الله يبعث إليه ملكا يسدده يريد عصمته من الغلط فيما يحكم به قال الخضر وما فعلته عن أمري وقال عليه السلام إن يكن في أمتي محدثون فمنهم عمر ثم إنه قد ثبت عندنا إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل الرهبان الذين اعتزلوا الخلق وانفردوا بربهم فقال ذروهم وما انقطعوا إليه فأتى بلفظ مجمل ولم يأمرنا بأن ندعوهم لعلمه صلى الله عليه وسلم أنهم على بينة من ربهم وقد أمر صلى الله عليه وسلم بالتبليغ وأمرنا أن يبلغ الشاهد الغائب فلولا ما علم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله يتولى تعليمهم مثل ما تولى تعليم الخضر وغيره ما كان كلامه هذا ولا قرره على شرع منسوخ عنده في هذه الملة وهو الصادق في دعواه صلى الله عليه وسلم أنه بعث إلى الناس كافة كما ذكر الله تعالى فيه فعمت رسالته جميع الخلق وروح هذا التعريف أنه كل من أدركه زمانه وبلغت إليه دعوته لم يتعبده الله إلا بشرعه فإنا نعلم قطعا أنه صلى الله عليه وسلم ما شافه جميع الناس بالخطاب في زمانه فما هو إلا الوجه الذي ذكرنا وهذا الراهب من العيسويين الذين ورثوا عيسى عليه السلام إلى زمان بعثة محمد صلى الله عليه وسلم فلما بعث محمد صلى الله عليه وسلم تعبد الله هذا الراهب بشرعه صلى الله عليه وسلم وعلمه من لدنه علما بالرحمة التي آتاه من عنده كان ورثه أيضا حالة عيسوية من محمد صلى الله عليه وسلم فلم يزل عيسويا في الشريعتين ألا ترى هذا الراهب قد أخبر بنزول عيسى عليه السلام وأخبر أنه إذا نزل يقتل الخنزير ويكسر الصليب أتراه بقي على تحليل لحم الخنزير فلم يزل هذا الراهب عيسويا في الشريعتين فله الأجر مرتين أجر اتباعه نبيه وأجر اتباعه محمدا صلى الله عليه وسلم وهو في انتظار عيسى إلى أن ينزل وهؤلاء الصحابة قد رأوه مع نضلة وما سألوه عن حاله في الإسلام والايمان ولا بما يتعبد نفسه من الشرائع لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما أمرهم بسؤال مثله فعلمنا قطعا أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يقر أحدا على الشرك وعلم إن لله عبادا يتولى الحق تعليمهم من لدنه علم ما أنزله على محمد صلى الله عليه وسلم رحمة منه وفضلا وكان فضل الله عظيما ولو كان ممن يؤدي الجزية لقلنا إن الشرع المحمدي قد قرر له دينه ما دام يعطي الجزية وهذه مسألة دقيقة في عموم رسالته وأنه بظهوره لم يبق شرع إلا ما شرعه ومما شرع تقريرهم على شرعهم ما داموا يعطون الجزية إذا كانوا من أهل الكتاب وكم لله تعالى من هؤلاء العباد في الأرض فأصل العيسويين كما قررناه تجريد التوحيد من الصور الظاهرة في الأمة العيسوية والمثل التي لهم في الكنائس من أجل أنهم على شريعة محمد صلى الله عليه وسلم ولكن الروحانية الحالية التي هم عليها عيسوية في النصارى وموسوية في اليهود من مشكاة محمد صلى الله عليه وسلم من قوله صلى الله عليه وسلم اعبد الله كأنك تراه والله في قبلة المصلي وإن العبد إذا صلى استقبل ربه ومن كل ما ورد في الله من أمثال هذه النسب وليس للعيسوي من هذه الأمة من الكرامات المشي في الهواء ولكن لهم المشي على الماء والمحمدي يمشي في الهواء بحكم التبعية فإن النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسرى به وكان محمولا قال في عيسى عليه السلام لو ازداد يقينا لمشى في الهواء ولا شك أن عيسى عليه السلام أقوى في اليقين منا بما لا يتقارب فإنه من أولي العزم من الرسل ونحن نمشي في الهواء بلا شك وقد رأينا خلقا كثيرا ممن يمشي في الهواء في حال مشيهم في الهواء فعلمنا قطعا إن مشينا في الهواء إنما هو بحكم صدق التبعية لا بزيادة اليقين على يقين عيسى عليه السلام قد علم كل منا مشربه فمشينا بحكم التبعية لمحمد صلى الله عليه وسلم من الوجه الخاص الذي له هذا المقام لا من قوة اليقين كما قلنا الذي كنا نفضل به عيسى عليه السلام حاشى لله أن نقول بهذا كما إن أمة عيسى يمشون على الماء بحكم التبعية لا بمساواة يقينهم يقين عيسى عليه السلام فنحن مع الرسل في خرق العوائد الذين اختصوا بها من الله وظهر أمثالها علينا بحكم التبعية كما مثلناه في كتاب اليقين لنا أن لمماليك الخواص الذين يمسكون نعال أستاذيهم من الأمراء إذا دخلوا على السلطان وبقي بعض الأمراء خارج الباب حين لم يؤذن لهم في الدخول أترى المماليك الداخلين مع أستاذيهم أرفع منصبا من الأمراء الذي ما أذن لهم فهل دخلوا إلا بحكم التبعية لأستاذيهم بل كل شخص على رتبته فالأمراء متميزون على الأمراء والمماليك متميزون على المماليك
(٢٢٥)