إلينا فيها ميل فيطول النهار إذا كانت الشمس في المنازل العالية حيث كانت وإذا حلت الشمس في المنازل النازلة قصر النهار حيث كانت وإنما قلنا حيث كانت فإنه إذا طال الليل عندنا طال النهار عند غيرنا فتكون الشمس في المنازل العالية بالنسبة إليهم وفي المنازل النازلة بالنسبة إلينا فإذا قصر النهار عندنا طال الليل عندهم لما ذكرناه واليوم هو اليوم بعينه أربع وعشرون ساعة لا يزيد ولا يقص ولا يطول ولا يقصر في موضع الاعتدال فهذا هو حقيقة اليوم ثم قد نسمي النهار وحده يوما بحكم الاصطلاح فافهم وقد جعل الله هذا الزمان الذي هو الليل والنهار يوما والزمان هو اليوم والليل والنهار موجودان في الزمان جعلهما أبا وأما لما يحدث الله فيهما كما قال يغشى الليل النهار كمثل قوله في آدم فلما تغشاها حملت فإذا غشي الليل النهار كان الليل أبا وكان النهار أما وصار كل ما يحدث الله في النهار بمنزلة الأولاد التي تلد المرأة وإذا غشي النهار الليل كان النهار أبا وكان الليل أما وكان كل ما يحدث الله من الشؤون في الليل بمنزلة الأولاد التي تلد الأم وقد بينا هذا الفصل في كتاب الشأن لنا تكلمنا فيه على قوله تعالى كل يوم هو في شأن وسيأتي إن شاء الله في هذا الكتاب إن ذكرنا الله به من معرفة الأيام طرفا شافيا وكذلك قال تعالى أيضا يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل فزاد بيانا في التناكح وأبان سبحانه بقوله وآية لهم الليل نسلخ منه النهار أن الليل أم له وأن النهار متولد عنه كما ينسلخ المولود من أمه إذا خرج منها والحية من جلدها فيظهر مولدا في عالم آخر غير العالم الذي يحويه الليل والأب هو اليوم الذي ذكرناه وقد بينا ذلك في كتاب الزمان لنا ومعرفة الدهر فهذا الليل والنهار أبوان بوجه وأمان بوجه وما يحدث الله فيهما في عالم الأركان من المولدات عند تصريفهما يسمون أولاد الليل والنهار كما قررناه ولما أنشأ الله أجرام العالم كله القابل للتكوين فيه جعل من حد ما يلي مقعر السماء الدنيا إلى باطن الأرض عالم الطبيعة والاستحالات وظهور الأعيان التي تحدث عند الاستحالات وجعلها بمنزلة الأم وجعل من مقعر فلك السماء الدنيا إلى آخر الأفلاك بمنزلة الأب وقدر فيها منازل وزينها بالأنوار الثابتة والسابحة فالسابحة تقطع في الثابتة والثابتة والسابحة تقطع في الفلك المحيط بتقدير العزيز بدليل أنه رؤي في بعض الأهرام التي بديار مصر مكتوبا بقلم يذكر في ذلك تاريخ الأهرام أنها بنيت والنسر في الأسد ولا شك أنه الآن في الجدي كذا ندركه فدل على أن الكواكب الثابتة تقطع في فلك البروج الأطلس والله يقول في القمر والقمر قدرناه منازل وقال في الكواكب كل في فلك يسبحون وقال تعالى والشمس تجري لمستقر لها وقد قرئ لا مستقر لها وليس بين القراءتين تنافر ثم قال ذلك تقدير العزيز العليم ينظر إلى قوله في القمر أنه قدره منازل وقال لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون أي في شئ مستدير وجعل لهذه الأنوار المسماة بالكواكب أشعة متصلة بالأركان تقوم اتصالاتها بها مقام نكاح الآباء للأمهات فيحدث الله تعالى عند اتصال تلك الشعاعات النورية في الأركان الأربعة من عالم الطبيعة ما يتكون فيها مما نشاهده حسا فهذه الأركان لها بمنزلة الأربعة النسوة في شرعنا وكما لا يكون نكاح شرعي عندنا حلالا إلا بعقد شرعي كذلك أوحى في كل سماء أمرها فكان من ذلك الوحي تنزل الأمر بينهن كما قال تعالى يتنزل الأمر بينهن يعني الأمر الإلهي وفي تفسير هذا التنزل أسرار عظيمة تقرب مما نشير إليه في هذا الباب وقد روى عن ابن عباس أنه قال في هذه الآية لو فسرتها لقلتم إني كافر وفي رواية لرجمتموني وإنها من أسرار آي القرآن قال تعالى خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن ثم قال يتنزل الأمر بينهن ثم تمم وأبان فقال لتعلموا إن الله على كل شئ قدير وهو الذي أشرنا إليه بصفة العمل الذي ذكرناه آنفا من إيجاد الله صفة العلم والعمل في الأب الثاني فإن القدرة للإيجاد وهو العمل ثم تمم في الأخبار فقال وإن الله قد أحاط بكل شئ علما وقد أشرنا إليه بصفة العلم التي أعطاها الله للأب الثاني الذي هو النفس الكلية المنبعثة فهو العليم سبحاته بما يوجد القدير على إيجاد ما يريد إيجاده لا مانع له فجعل الأمر يتنزل بين السماء والأرض كالولد يظهر بين الأبوين وأما اتصال الأشعة النورية الكوكبية عن الحركة الفلكية السماوية بالأركان الأربعة التي هي أم المولدات في الحين الواحد للكل معا جعله الحق مثالا للعارفين في نكاح أهل الجنة في الجنة جميع نسائهم وجواريهم في الآن الواحد نكاحا حسيا كما إن هذه الاتصالات حسية فينكح الرجل في الجنة جميع من عنده من المنكوحات إذا اشتهى ذلك في
(١٤١)