لمصلحة رآها ثم أراد عمر بعده أن يخرجه فامتنع اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم فهو فيه إلى الآن وأما أنا فسيق لي منه لوح من ذهب جئ به إلي وأنا بتونس سنة ثمان وتسعين وخمسمائة فيه شق غلظة أصبع عرضه شبر وطوله شبر أو أزيد مكتوب فيه بقلم لا أعرفه وذلك لسبب طرأ بيني وبين الله فسألت الله أن يرده إلى موضعه أدبا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو أخرجته إلى الناس لثارت فتنة عمياء فتركته أيضا لهذه المصلحة فإنه صلى الله عليه وسلم ما تركه سدى وإنما تركه ليخرجه القائم بأمر الله في آخر الزمان الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما وقد ورد خبر رويناه فيما ذكرناه من إخراجه على يد هذا الخليفة وما أذكر الآن عمن رويته ولا الجزء الذي رأيته فيه كذلك جعل الله في قلب العارف كنز العلم بالله فشهد لله بما شهد به الحق لنفسه من أنه لا إله إلا الله ونفى هذه المرتبة عن كل ما سواه فقال شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم فجعلها كنزا في قلوب العلماء بالله ولما كانت كنزا لذلك لا تدخل الميزان يوم القيامة وما يظهر لها عين إلا إن كان في الكثيب الأبيض يوم الزور ويظهر جسمها وهو النطق بها عناية لصاحب السجلات لا غير فذلك الواحد يوضع له في ميزانه التلفظ بها إذ لم يكن له خير غيرها فما يزن ظاهرها شئ فأين أنت من روحها ومعناها فهي كنز مدخر أبدا دنيا وآخرة وكل ما ظهر في الأكوان والأعيان من الخير فهو من أحكامها وحقها ثم إن الله جعل هذا البيت الذي هو محل ذكر اسم الله على أربعة أركان كذلك جعل الله القلب على أربع طبائع تحمله وعليها قامت نشأته كقيام البيت اليوم على أربعة أركان كقيام العرش على أربعة حملة اليوم كذا ورد في الخبر أنهم اليوم أربعة وغدا يكونون ثمانية فإن الآخرة فيها حكم الدنيا والآخرة فلذلك تكون غدا ثمانية فيظهر في الآخرة حكم سلطان الأربعة الأخر وكذلك يكون القلب في الآخرة تحمله ثمانية الأربعة التي ذكرناها والأربعة الغيبية وهي العلم والقدرة والإرادة والكلام ليس غير ذلك فإن قلت فهي موجودة اليوم فلما ذا جعلتها في الآخرة قلنا وكذلك الثمانية من الحملة موجودون اليوم في أعيانهم لكن لا حكم لهم في الحمل الخاص إلا غدا كذلك هذه الصفات التي ذكرناها لا حكم ينفذ لهم في الدنيا دائما وإنما حكمهم في الآخرة للسعداء وحكم الأربعة الذين هم طبائع هذا البيت ظاهرة الحكم في الأجسام فإن قلت فما معنى قولك حكمهم قلت فإن العلم لا يشاهد العالم معلومه إلا في الآخرة والقدرة لا ينفذ حكمها إلا في الآخرة فلا يعجز السعيد عن تكوين شئ وإرادته غير قاصرة فما يهم بشئ يريد حضوره إلا حضر وكلامه نافذ فما يقول لشئ كن إلا ويكون فالعلم له عين في الآخرة وليس هذا حكم هذه الصفات في النشأة الدنيا مطلقة فاعلم ذلك فالإنسان في الآخرة نافذ الاقتدار فالله بيته قلب عبده المؤمن والبيت بيت اسمه تعالى والعرش مستوي الرحمن فأيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى فلا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها فإنه يعلم الجهر وما يخفى كما أنه يعلم السر وأخفى وأصفى وهو قوله وابتغ بين ذلك سبيلا فإنه أخفى من السر أي أظهر فإن الوسط الحائل بين الطرفين المعين للطرفين والمميز لهما هو أخفى منهما كالخط الفاصل بين الظل والشمس والبرزخ بين البحرين الأجاج والفرات والفاصل بين السواد والبياض في الجسم نعلم أن ثم فاصلا ولكن لا تدركه العين ويشهد له العقل وإن كان لا يعقل ما هو أي لا يعقل ماهيته فبين القلب والعرش في المنزلة ما بين الاسم الله والاسم الرحمن وإن كان أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ولكن ما أنكر أحد الله وأنكر الرحمن فقالوا وما الرحمن فكان مشهد الألوهة أعم لإقرار الجميع بها فإنها تتضمن البلاء والعافية وهما موجودان في الكون فما أنكر هما أحد ومشهد الرحمانية لا يعرفه إلا المرحومون بالإيمان وما أنكره إلا المحرومون من حيث لا يشعرون أنهم محرومون لأن الرحمانية لا تتضمن سوى العافية والخير المحض فالله معروف بالحال والرحمن منكور بالحال فقيل لهم أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى فعرفه أهل البلاء تقليد التعريف الله من وراء حجاب البلاء فافهم فقد نبهتك لأمور إن سلكت عليها جلت لك في العلم الإلهي ما لا يقدر قدره إلا الله فإن العارف بقدر ما ذكرناه من العلم بالله الذوقي اليوم عزيز ولما كان الحج لهذا البيت تكرار القصد في زمان مخصوص كذلك القلب تقصده الأسماء الإلهية في حال مخصوص إذ كل اسم له حال خاص يطلبه فمهما ظهر ذلك الحال من العبد طلب الاسم الذي يخصه فيقصده ذلك الاسم فلهذا تحج الأسماء الإلهية بيت القلب وقد تحج إليه من
(٦٦٧)