حكمهم في الدنيا أربعة وفي القيامة ثمانية فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية ثم قال وهم اليوم أربعة يعني في يوم الدنيا وقوله يومئذ ثمانية يعني يوم الآخرة روينا عن ابن مسرة الجبلي من أكبر أهل الطريق علما وحالا وكشفا العرش المحمول هو الملك وهو محصور في جسم وروح وغذاء ومرتبة فآدم وإسرافيل للصور وجبريل ومحمد للأرواح وميكائيل وإبراهيم للأرزاق ومالك ورضوان للوعد والوعيد وليس في الملك إلا ما ذكر والأغذية التي هي الأرزاق حسية ومعنوية فالذي نذكر في هذا الباب الطريقة الواحدة التي هي بمعنى الملك لما يتعلق به من الفائدة في الطريق وتكون حملته عبارة عن القائمين بتدبيره فتدبر صورة عنصرية أو صورة نورية وروحا مدبر الصورة عنصرية وروحا مدبرا مسخرا الصورة نورية وغذاء لصورة عنصرية وغذاء علوم ومعارف لأرواح ومرتبة حسية من سعادة بدخول الجنة ومرتبة حسية من شقاوة بدخول جهنم ومرتبة روحية علمية فمبني هذا الباب على أربع مسائل المسألة الأولى الصورة والمسألة الثانية الروح والمسألة الثالثة الغذاء والمسألة الرابعة المرتبة وهي الغاية وكل مسألة منها تنقسم قسمين فتكون ثمانية وهم حملة عرش الملك أي إذا ظهرت الثمانية قام الملك وظهر واستوى عليه مليكة المسألة الأولى الصورة وهي تنقسم قسمين صورة جسمية عنصرية تتضمن صورة جسدية خيالية والقسم الآخر صورة جسمية نورية فلنبتدئ بالجسم النوري فنقول إن أول جسم خلقه الله أجسام الأرواح الملكية المهيمة في جلال الله ومنهم العقل الأول والنفس الكل وإليها انتهت الأجسام النورية المخلوقة من نور الجلال وما ثم ملك من هؤلاء الملائكة من وجد بواسطة غيره إلا النفس التي دون العقل وكل ملك خلق بعد هؤلاء فداخلون تحت حكم الطبيعة فهم من جنس أفلاكها التي خلقوا منها وهم عمارها وكذلك ملائكة العناصر وآخر صنف من الأملاك الملائكة المخلوقون من أعمال العباد وأنفاسهم فلنذكر ذلك صنفا صنفا في هذا الباب إن شاء الله تعالى اعلم أن الله تعالى كان قبل إن يخلق الخلق ولا قبلية زمان وإنما ذلك عبارة للتوصيل تدل على نسبة يحصل بها المقصود في نفس السامع كان جل وتعالى في عماء ما تحته هواء وما فوقه هواء وهو أول مظهر إلهي ظهر فيه سرى فيه النور الذاتي كما ظهر في قوله الله نور السماوات والأرض فلما انصبغ ذلك العماء بالنور فتح فيه صور الملائكة المهيمين الذين هم فوق عالم الأجسام الطبيعية ولا عرش ولا مخلوق تقدمهم فلما أوجدهم تجلى لهم فصار لهم من ذلك التجلي غيبا كان ذلك الغيب روحا لهم أي لتلك الصور وتجلى لهم في اسمه الجميل فهاموا في جلال جماله فهم لا يفيقون فلما شاء أن يخلق عالم التدوين والتسطير عين واحدا من هؤلاء الملائكة الكروبيين وهو أول ملك ظهر من ملائكة ذلك النور سماه العقل والقلم وتجلى له في مجلي التعليم الوهبي بما يريد إيجاده من خلقه لا إلى غاية وحد فقبل بذاته علم ما يكون وما للحق من الأسماء الإلهية الطالبة صدور هذا العالم الخلقي فاشتق من هذا العقل موجودا آخر سماه اللوح وأمر القلم أن يتدلى إليه ويودع فيه جميع ما يكون إلى يوم القيامة لا غير وجعل لهذا القلم ثلاثمائة وستين سنا في قلميته أي من كونه قلما ومن كونه عقلا ثلاثمائة وستين تجليا أو رقيقة كل سن أو رقيقة تغترف من ثلاثمائة وستين صنفا من العلوم الإجمالية فيفصلها في اللوح فهذا حصر ما في العالم من العلوم إلى يوم القيامة فعلمها اللوح حين أودعه إياها القلم فكان من ذلك علم الطبيعة وهو أول علم حصل في هذا اللوح من علوم ما يريد الله خلقه فكانت الطبيعة دون النفس وذلك كله في عالم النور الخالص ثم أوجد سبحانه الظلمة المحضة التي هي في مقابلة هذا النور بمنزلة العدم المطلق المقابل للوجود المطلق فعندما أوجدها أفاض عليها النور إفاضة ذاتية بمساعدة الطبيعة فلأم شعثها ذلك النور فظهر الجسم المعبر عنه بالعرش فاستوى عليه الاسم الرحمن بالاسم الظاهر فذلك أول ما ظهر من عالم الخلق وخلق من ذلك النور الممتزج الذي هو مثل ضوء السحر الملائكة الحافين بالسرير وهو قوله وترى الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم فليس لهم شغل إلا كونهم حافين من حول العرش يسبحون بحمده وقد بينا خلق العالم في كتاب سميناه عقلة المستوفز وإنما نأخذ منه في هذا الباب رؤس الأشياء ثم أوجد الكرسي في جوف هذا العرش وجعل فيه ملائكة من جنس طبيعته فكل فلك أصل لما خلق فيه من عمارة كالعناصر فيما خلق منها من
(١٤٨)