ولعدم ورود تصريح بتوثيق أبي الربيع نفسه، فإنه لم يرد في حقه جرح أو توثيق - كما قال السيد الخوئي (1) - وإن ورد ذكره في روايات عديدة.
ثانيا - قال ابن إدريس معلقا على إفتاء الفقهاء بكراهة معاملتهم: " وذلك راجع إلى كراهية معاملة من لا بصيرة له فيما يشتريه ولا فيما يبيعه، لأن الغالب على هذا الجيل والقبيل قلة البصيرة، لتركهم مخالطة الناس وأصحاب البصائر " (2).
وهناك بعض الروايات يستفاد منها عدم كون قسم كثير منهم مسلمين آنذاك، أو كانوا مسلمين ولكن غير ملتزمين بأحكام الإسلام، مثل الأعراب الذين لم يلتزموا بأحكامه، كما تقدم الكلام عنهم في عنوان " أعراب ".
فقد روى الحسين بن المنذر، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): " إنا نتكارى هؤلاء الأكراد في قطاع الغنم، وإنما هم عبدة النيران وأشباه ذلك، فتسقط العارضة فيذبحونها ويبيعونها، فقال: ما أحب أن تجعله في مالك، إنما الذبيحة اسم، ولا يؤمن على الاسم إلا مسلم " (3).
وقال العلامة في المنتهى: " العدو الصاد لأهل الحج إما أن يكونوا مسلمين أو مشركين، فإن كانوا مسلمين كالأكراد والأعراب وأهل البادية، فالأولى الانصراف عنهم، لأن في قتالهم مخاطرة بالنفس والمال وقتل مسلم، فكان الترك أولى إلا أن يدعوهم الإمام أو من نصبه الإمام إلى قتالهم... " (1).
وقال في التذكرة بالنسبة إلى تلف المال الزكوي: " لو ادعى المالك التلف أو تلف البعض قبل قوله بغير يمين، لأنه حق الله تعالى، فلا يمين فيه كالصلاة والحد، خلافا للشافعي، سواء كان بسبب ظاهر كوقوع الجراد أو نزول الأكراد، أو خفي كالسرقة... " (2).
والحاصل مما تقدم ومن غيره: أن الأكراد كانوا كالأعراب حيث كانت الحالة السائدة فيهم هي الغزو ونحوه، وربما يقال بتبدل الحكم مع تبدل حالتهم.
ثالثا - قال العلامة المجلسي معلقا على الرواية الناهية عن مخالطتهم: " الحديث الثاني مرسل، ويدل على كراهة معاملة الأكراد، وربما يؤول كونهم من الجن: بأنهم لسوء أخلاقهم، وكثرة حيلهم أشباه الجن، فكأنهم منهم كشف عنهم الغطاء " (3).