أطلعك الله على ما أودع في هذه الأشواط الفلكية كنت طائفا ثم إنه جعل حركات السماوات التي هي الأفلاك مؤثرة في الأركان الأربعة لا يجاد ما يتولد منها فأنت الأركان الأربعة لأنك مركب من أربعة أخلاط ومجموعهما هو عين ذاتك الحسية التي هي الجسم فأنشأت فيك حركات هذه الأطواف السبعة الصلاة وهي المولدة من أركانك عنها وكانت ركعتان لأن النشأة المولدة مركبة من اثنين جسم ونفس ناطقة وهو الحيوان الناطق فالركعة الواحدة لحيوانيتك والثانية للنفس الناطقة ولهذا جعل الله الصلاة نصفين نصفا له ونصفا للعبد وجعل الله لكل حركة دورية من هذا الأسبوع في الصلاة أثرا ليعرف أنها متولدة عنه فظهر في الصلاة سبعة آثار جسمانية وسبعة آثار روحانية عن حركة كل شوط من أسبوع الطواف أثر فإنه شكل باق وفلك معنوي لا يراه إلا من يرى خلق الموجودات من الأعمال أعيانا فالآثار الموجودة السبعة الجسمانية في نشأة الصلاة القيام الأول والركوع والقيام الثاني وهو الرفع من الركوع والسجود والجلوس بين السجدتين والسجود الثاني والجلوس للتشهد والأذكار التي في هذه الحركات الجسمانية سبعة هي أرواحها فقامت نشأة الصلاة كاملة ولما كان في النشأة الإنسانية أمر اختصه الله وفضله على سائر النشأة الإنسانية وجعله إماما فيها وهو القلب كذلك جعل في نشأة الصلاة أمرا هو أرفع ما في الصلاة وهو الحركة التي يقول فيها سمع الله لمن حمده فإن المصلي فيها نائب عن الله كالقلب نائب عن الله في تدبير الجسد وهو أشرف هيئات الصلاة فإنه قيام عن خضوع عظمت فيه ربك في حضرة برزخية وهي أكمل النشآت لأنها بين سجود وقيام جامعة للطرفين والحقيقتين فلها حكم القائم وحكم الساجد فجمعت بين الحكمين وأثرها في القراءة في الصلاة أيضا سباعي عن أثر كل شوط في الطواف وهي قراءة السبع المثاني أعني فاتحة الكتاب وسلطانها إياك نعبد وإياك نستعين فإنها برزخية بين الله وبين عبده فهي جامعة والسلطان جامع وما قبلها لله مخلص وما بعدها للعبد مخلص وأعلى المقامات إثبات إله ومألوه ورب ومربوب فهو كمال الحضرة الإلهية فما تمدح إلا بنا ولا شرفنا إلا به فنحن به وله وهي سبع آيات لا غير وهي القراءة الكافية في الصلاة وكما أن العبد هو الذي أنشأ في ذاته الأشواط السبعة المستديرة الشكل الفلكية وفي ذاته أثرت إيجاد الصلاة وفي ذاته ظهرت الصلاة بكمالها فلم يخرج عن ذاته شئ من ذلك كله كذلك الأمر في ظهور الحق في الأعيان اكتسب من استعداد كل عين ظهر فيها ما حكم على الظاهر فيها والعين واحدة فقيل فيه طائف أعطاه هذا الاسم هذه الصورة التي أنشأها وهو الطواف وقيل فيه مصل أعطاه هذا الحكم صورة الصلاة التي أنشأها في ذاته عن طوافه فهو هو وما ثم غيره فلو رأيت الذي رأينا * وصفته بالذي وصفنا من أنه واحد كثير * بذا عرفناه إذ عرفنا فنحن لا وهو ذو ظهور * فالعين منه والنعت منا وقد ذكرنا في أول هذا الكتاب ما بقي في الحجر من البيت ولما ذا أبقاه الله فيه وبينا الحكمة الإلهية في ذلك من رفع التحجير والتجلي الإلهي في الباب المفتوح لمن أراد الدخول إليه وذلك هو بيت الله الصحيح وما بقي منه بأيدي الحجبة بني شيبة وقع في باطنه التحجير لأنه في ملك محدث وهو الموجود المقيد فلا بد أن يفعل ما تعطيه ذاته والحديث النبوي في ذلك مشهور والخلفاء والأمراء غفلوا عن مقتضى معنى قوله تعالى حين مسك رسول الله صلى الله عليه وسلم مفتاح البيت الذي أخذه من بنى شيبة فأنزل الله تعالى إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها فتخيل الناس أن الأمانة هي سدانة البيت ولم تكن الأمانة إلا مفتاح البيت الذي هو ملك لبني شيبة فرد إليهم مفتاحهم وأبقى صلى الله عليه وسلم عليهم ولاية السدانة ولو شاء جعل في تلك المرتبة غيرهم وللإمام أن يفعل ذلك إذا رأى في فعله المصلحة لكن الخلفاء لم يريدوا أن يؤخروا عن هذه الرتبة من قرره رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها فهم مثل سائر ولاة المناصب إن أقاموا فيه الحق فلهم وإن جاروا فعليهم وللإمام النظر فبقي بيت الله عند العلماء بالله لا حكم لبني شيبة ولا لغيرهم فيه وهو ما بقي منه في الحجر فمن دخله دخل البيت ومن صلى فيه صلى في البيت كذا قال صلى الله عليه وسلم
(٧٠٥)