ويحك إنه قد قيل إن من صافح الحجر فقد صافح الحق سبحانه وتعالى ومن صافح الحق سبحانه وتعالى فهو في محل إلا من أظهر عليك أثر إلا من قلت لا قال ما صافحت ثم قال لي وقفت الوقفة بين يدي الله تعالى خلف المقام وصليت ركعتين قلت نعم قال وقفت على مكانتك من ربك فأريت قصدك قلت لا قال فما صليت ثم قال لي خرجت إلى الصفا فوقفت بها قلت نعم قال أيش عملت قلت كبرت سبعا وذكرت الحج وسألت الله القبول فقال لي كبرت بتكبير الملائكة ووجدت حقيقة تكبيرك في ذلك المكان قلت لا قال ما كبرت ثم قال لي نزلت من الصفا قلت نعم قال زالت كل علة عنك حتى صفيت قلت لا فقال ما صعدت ولا نزلت ثم قال لي هرولت قلت نعم قال ففررت إليه وبرئت من فرارك ووصلت إلى وجودك قلت لا قال ما هرولت ثم قال لي وصلت إلى المروة قلت نعم قال رأيت السكينة على المروة فأخذتها أو نزلت عليك قلت لا قال ما وصلت إلى المروة ثم قال لي خرجت إلى منى قلت نعم قال تمنيت على الله غير الحال التي عصيته فيها قلت لا قال ما خرجت إلى منى ثم قال لي دخلت مسجد الخيف قلت نعم قال خفت الله في دخولك وخروجك ووجدت من الخوف ما لا تجده إلا فيه قلت لا قال ما دخلت مسجد الخيف ثم قال لي مضيت إلى عرفات قلت نعم قال وقفت بها قلت نعم قال عرفت الحال التي خلقت من أجلها والحال التي تريدها والحال التي تصير إليها وعرفت المعرف لك هذه الأحوال ورأيت المكان الذي إليه الإشارات فإنه هو الذي نفس الأنفاس في كل حال قلت لا قال ما وقفت بعرفات ثم قال لي نفرت إلى المزدلفة قلت نعم قال رأيت المشعر الحرام قلت نعم قال ذكرت الله ذكرا أنساك ذكر ما سواه فاشتغلت به قلت لا قال ما وقفت بالمزدلفة ثم قال لي دخلت منى قلت نعم قال ذبحت قلت نعم قال نفسك قلت لا قال ما ذبحت ثم قال لي رميت قلت نعم قال رميت جهلك عنك بزيادة علم ظهر عليك قلت لا قال ما رميت ثم قال لي حلقت قلت نعم قال نقصت آمالك عنك قلت لا قال ما حلقت ثم قال لي زرت قلت نعم قال كوشفت بشئ من الحقائق أو رأيت زيادات الكرامات عليك للزيارة فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال الحجاج والعمار زوار الله وحق على المزور أن يكرم زواره قلت لا قال ما زرت ثم قال لي أ حللت قلت نعم قال عزمت على أكل الحلال قلت لا قال ما أحللت ثم قال لي ودعت قلت نعم قال خرجت من نفسك وروحك بالكلية قلت لا قال ما ودعت وعليك العود وانظر كيف تحج بعد هذا فقد عرفتك وإذا حججت فاجتهد أن تكون كما وصفت لك فاعلم أيدك الله أني ما سقت هذه الحكاية إلا تنبيها وتذكرة وأعلاما أن طريق أهل الله على هذا مضى حالهم فيه والشبلي هكذا كان إدراكه في حجه فإنه ما سأل إلا عن ذوقه هل أدركه غيره أم لا وغيره قد يدرك هذا وقد يدرك ما هو أعلى منه وأدون منه فما منهم إلا من له مقام معلوم فما اخترعت في اعتباراتي في هذه العبادات طريقة لم أسبق إليها إلا أن الأذواق تتفاوت بحسب ما تكون عناية الله بالعبد في ذلك ثم نرجع ونقول على نحو ما تقدم في الفصول ولنبتدئ أولا فيما يمنع المحرم أن يلبسه وهو القميص والعمامة والبرنس والخلف إلا أن لا يجد النعل والسراويل إلا أن لا يجد الإزار ولا ثوبا مسه زعفران ولا ورس وفيما ذكرناه متفق عليه ومختلف فيه وفي التفصيل تفسير إن شاء الله وحال الرجل في هذا يخالف حال المرأة فإن المرأة تلبس المخيط والخفاف والخمر وما للمرأة إحرام إلا في وجهها وكفيها وسبب هذا كله في هذه العبادة أنهم وقد الله دعاهم الحق إلى بيته وما دعاهم إليه سبحانه بمفارقة الأهل والوطن والعيش الترف وحلاهم بحلية الشعث والغبرة إلا ابتلاء ليريهم من وقف مع عبوديته ممن لم يقف ولهذا أفعال الحج أكثرها تعبدات لا تعلل ولا يعرف لها معنى من طريق النظر لكن تنال ربما من طريق الكشف والإخبار الإلهي الوارد على قلوب الواردين العارفين من الوجه الخاص الذي لكل موجود من ربه فزينة الحاج تخالف زينة جميع العبادات فإنهم وفد الله الحاج منهم والمعتمر وأعني من انفرد بالحج ومن انفرد بالعمرة فهما وفدان فالقارن بينهما له خصوص وصف لأنه جامع لمرتبة الوفدين لأن وفود الله ثلاثة على ما ذكره النسائي عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد الله ثلاثة الغازي والحج والمعتمر انتهى الجزء الثاني والستون
(٦٧٨)