يجاوزه إلى غيره فإن انتقل إلى مقام المحققين فمعرفة المحقق فوق ذلك وذلك أن الألف ليس ميلة من جهة فعل اللام فيه بهمته وإنما ميلة نزوله إلى اللام بالألطاف لتمكن عشق اللام فيه ألا تراه قد لوى ساقه بقائمة الألف وانعطف عليه حذرا من الفوت فميل الألف إليه نزول كنزول الحق إلى السماء الدنيا وهم أهل الليل في الثلث الباقي وميل اللام معلوم عندهما معلول مضطر لا اختلاف عندنا فيه إلا من جهة الباعث خاصة فالصوفي يجعل ميل اللام ميل الواجدين والمتواجدين لتحققه عندهم بمقام العشق والتعشق وحاله وميل الألف ميل التواصل والاتحاد ولهذا اشتبها في الشكل هكذا لا فأيهما جعلت الألف أو اللام قبل ذلك الجعل ولذلك اختلف فيه أهل اللسان أين يجعلون حركة اللام أو الهمزة التي تكون على الألف فطائفة راعت اللفظ فقالت في الأسبق والألف بعد وطائفة راعت الخط فبأي فخذ ابتدأ المخطط فهو اللام والثاني هو الألف وهذا كله تعطيه حالة العشق والصدق في العشق يورث التوجه في طلب المعشوق وصدق التوجه يورث الوصال من المعشوق إلى العاشق والمحقق يقول باعث الميل المعرفة عندهما وكل واحد على حسب حقيقته وأما نحن ومن رقى معنا في معالي درج التحقيق الذي ما فوقه درج فلسنا نقول بقولهما ولكن لنا في المسألة تفصيل وذلك أن تلحظ في أي حضرة اجتمعا فإن العشق حضرة جزئية من جملة الحضرات فقول الصوفي حق والمعرفة حضرة أيضا كذلك فقول المحقق حق ولكن كل واحد منهما قاصر عن التحقيق في هذه المسألة ناظر بعين واحدة ونحن نقول أول حضرة اجتمعا فيها حضرة الإيجاد وهي لا إلاه إل لا أل لاه فهذه حضرة الخلق والخالق وظهرت كلمة لا في النفي مرتين وفي الإثبات مرتين فلا لا لا وإلاه للاه فميل الوجود المطلق الذي هو الألف في هذه الحضرة إلى الإيجاد وميل الموجود المقيد الذي هو اللام إلى الإيجاد عند الإيجاد ولذلك خرج على الصورة فكل حقيقة منهما مطلقة في منزلتها فافهم إن كنت تفهم وإلا فالزم الخلوة وعلق الهمة بالله الرحمن حتى تعلم فإذا تقيد بعد ما تعين وجوده وظهر لعينه عينه فإنه للحق حق وللإنسان إنسان * عند الوجود وللقرآن قرآن وللعيان عيان في الشهود كما * عند المناجاة للآذان آذان فانظر إلينا بعين الجمع تحظ بنا * في الفرق فألزمه فالقرآن فرقان فلا بد من صفة تقوم به ويكون بها يقابل مثلها أو ضدها من الحضرة الإلهية وإنما قلت الضد ولم نقتصر على المثل الذي هو الحق الصدق رغبة في إصلاح قلب الصوفي والحاصل في أول درجات التحقيق فمشربهما هذا ولا يعرفان ما فوقه ولا ما نومئ إليه حتى يأخذ بأيديهما ويشهدهما ما أشهدناه وسأذكر طرفا من ذلك في الفصل الثالث من هذا الباب فاطلب عليه هناك إن شاء الله تعالى فأغطس في بحر القرآن العزيز إن كنت واسع النفس وإلا فاقتصر على مطالعة كتب المفسرين لظاهره ولا تغطس فتهلك فإن بحر القرآن عميق ولولا الغاطس ما يقصد منه المواضع القريبة من الساحل ما خرج لكم أبدا فالأنبياء والورثة الحفظة هم الذين يقصدون هذه المواضع رحمة بالعالم وأما الواقفون الذين وصلوا ومسكوا ولم يردوا لا انتفع بهم أحد ولا انتفعوا بأحد فقصدوا بل قصد بهم ثبج البحر فغطسوا إلى الأبد لا يخرجون يرحم الله العباد إني شيخ سهل بن عبد الله التستري حيث قال لسهل إلى الأبد حين قال له سهل أيسجد القلب فقال الشيخ إلى الأبد بل صلى الله على رسول الله حين قيل له صلى الله عليه وسلم في دخول العمرة في الحج ألعامنا هذا أم للأبد فقال صلى الله عليه وسلم بل لا بد الأبد فهي روحانية باقية في دار الخلد يجدها أهل الجنان في كل سنة مقدرة فيقولون ما هذا فيجابون العمرة في الحج روح ونعيم ووارد نزيه شريف تشرق به أسارير الوجوه وتزيد به حسنا وجمالا فإذا غطست وفقك الله في بحر القرآن فاطلب وابحث على صدفتي هاتين الياقوتين الألف واللام وصدفتهما هي الكلمة أو الآية التي تحملهما فإن كانت كلمة فعلية على طبقاتها نسبتهما من ذلك المقام وإن كانت كلمة أسمائية على طبقاتها نسبتهما من ذلك المقام وإن كانت كلمة ذاتية نسبتها من ذلك كما أشار عليه السلام وإن لم تكن في الحرف أعوذ برضاك من سخطك برضاك ميل الألف من سخطك ميل اللام كلمة أسمائية وبمعافاتك ميل الألف من عقوبتك ميل اللام كلمة
(٧٦)