الحقائق على غير ما كانت عليه في العلم لانمازت عن الحقيقة المنزهة بهذا الحكم فالحقائق الآن في الحكم على ما كانت عليه في العلم فلنقل كانت ولا شئ معها في وجودها وهي الآن على ما كانت عليه في علم معبودها فقد شمل هذا الخبر الذي أطلق على الحق جميع الخلق ولا تعترض بتعدد الأسباب والمسببات فإنها ترد عليك بوجود الأسماء والصفات وإن المعاني التي تدل عليها مختلفات فلولا ما بين البداية والنهاية سبب رابط وكسب صحيح ضابط ما عرف كل واحد منهما بالآخر ولا قيل على حكم الأول يثبت الآخر وليس إلا الرب والعبد وكفى وفي هذا غنية لمن أراد معرفة نفسه في الوجود وشفا ألا ترى أن الخاتمة عين السابقة وهي كلمة واجبة صادقة فما للإنسان يتجاهل ويعمى ويمشي في دجنة ظلماء حيث لا ظل ولا ما وإن أحق ما سمع من النبأ وأتى به هدهد الفهم من سبا وجود الفلك المحيط الموجود في العالم المركب والبسيط المسمى بالهباء وأشبه شئ به الماء والهواء وإن كانا من جملة صوره المفتوحة فيه ولما كان هذا الفلك أصل الوجود وتجلى له اسمه النور من حضرة الجود كان الظهور وقبلت صورتك صلى الله عليك من ذلك الفلك أول فيض ذلك النور فظهرت صورة مثلية مشاهدها عينية ومشاربها غيبية وجنتها عدنية ومعارفها قلمية وعلومها يمينية وأسرارها مدادية وأرواحها لوحية وطينتها آدمية فأنت أب لنا في الروحانية كما كان وأشرت إلى آدم صلى الله عليه في ذلك الجمع أبا لنا في الجسمية والعناصر له أم ووالد كما كانت حقيقة الهباء في الأصل مع الواحد فلا يكون أمر إلا عن أمرين ولا نتيجة إلا عن مقدمتين أليس وجودك عن الحق سبحانه وكونه قادرا موقوفا وأحكامك عليه من كونه عالما موصوفا واختصاصك بأمر دون غيره مع جوازه عليك عليه من كونه مريدا معروفا فلا يصح وجود المعدوم عن وحيد العين فإنه من أين يعقل الأين فلا بد أن تكون ذات الشئ أينا لأمر ما لا يعرفه من أصبح عن الكشف على الحقائق أعمى وفي معرفة الصفة والموصوف تتبين حقيقة الأين المعروف وإلا فكيف تسأل صلى الله عليك بأين وتقبل من المسؤول فاء الظرف ثم تشهد له بالإيمان الصرف وشهادتك حقيقة لا مجاز ووجوب لا جواز فلولا معرفتك صلى الله عليك بحقيقة ما قبلت قولها مع كونها خرساء في السماء ثم بعد أن أوجد العوالم اللطيفة والكثيفة ومهد المملكة وهيأ المرتبة الشريفة أنزل في أول دورة العذراء الخليفة ولذلك جعل سبحانه مدتنا في الدنيا سبع آلاف سنة وتحل بنا في آخرها حال فناء بين نوم وسنة فننتقل إلى البرزخ الجامع للطرائق وتغلب فيه الحقائق الطيارة على جميع الحقائق فترجع الدولة للأرواح وخليفتها في ذلك الوقت طائر له ستمائة جناح وترى الأشباح في حكم التبع للأرواح فيتحول الإنسان في أي صورة شاء لحقيقة صحت له عند البعث من القبور في الإنشاء وذلك موقوف على سوق الجنة سوق اللطائف والمنة فانظروا رحمكم الله وأشرت إلى آدم في الزمردة البيضاء قد أودعها الرحمن في أول الآباء وانظروا إلى النور المبين وأشرت إلى الأب الثاني الذي سمانا مسلمين وانظروا إلى اللجين الأخلص وأشرت إلى من أبرأ الأكمه والأبرص بإذن الله كما جاء به النص وانظروا إلى جمال حمرة ياقوتة النفس وأشرت إلى من بيع بثمن بخس وانظروا إلى حمرة الإبريز وأشرت إلى الخليفة العزيز وانظروا إلى نور الياقوتة الصفراء في الظلام وأشرت إلى من فضل بالكلام فمن سعى إلى هذه الأنوار حتى وصل إلى ما يكشفه لك طريقها من الأسرار فقد عرف المرتبة التي لها وجد وصح له المقام الآلي وله سجد فهو الرب والمربوب والمحب والمحبوب انظر إلى بدء الوجود وكن به * فطنا تر الجود القديم المحدثا والشئ مثل الشئ إلا أنه * أبداه في عين العوالم محدثا إن أقسم الرائي بأن وجوده * أزلا فبر صادق لن يحنثا أو أقسم الرائي بأن وجوده * عن فقده أحرى وكان مثلثا ثم أظهرت أسرارا وقصصت أخبارا لا يسع الوقت إيرادها ولا يعرف أكثر الخلق إيجادها فتركتها
(٥)