لا للمحمدة والثناء إلى أن ينتهي إلى جميع ما يوقفه الحق عليه فإذا عرف حينئذ يدخل إلى ذلك المقام وهو يعرف كيف يتأدب مع الحق في ذلك المقام قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله أدبني فحسن أدبي فهذا هو الآن الذي بين الصلاتين فأهل الأذواق من أهل الله يوقفون فيه فيعطون آداب الصلاة التي ينبغي أن يعامل الله بها في ذلك اليوم الخاص هكذا في صلوات كل يوم مع الله في مقام العلم فهذا هو الآن الذي بين الصلاتين وأما اعتبار الاصفرار في أنه الحد الآخر وقت العصر فاعلم أولا أن الاصفرار تغيير يطرأ في عين الناظر فيحكم به أنه في نور الشمس من أبخرة الأرض الحائلة بين البصر وبين إدراك خالص نور الشمس فاعتباره ما يطرأ في نفس العبد في حكم لاسم الإلهي الحق من الخواطر النفسية العرضية في نفس ذلك الحكم فينسبه إلى الحق بوجه غير مخلص وينسبه إلى نفسه بوجه غير مخلص ويقع مثل هذا في الطريق من الأديب ومن غير الأديب فأما وقوعه من الأديب فهو الذي يعرف أن النور في نفسه لم يصفر ولا تغير وهو أن يعلم أن الحكم للاسم الإلهي مخلص لا حكم لنفس معه وإنما هو ذلك الحكم ربما تعلق عنده اسم عيب عرفا أو شرعا فينزه جناب الحق تعالى عن ذلك الحكم بأن ينسبه إليه ولكن بمشيئة الله ويقول وإذا مرضت فهو يشفين هذا هو العيب عرفا فأضاف المرض إلى نفسه إذ كان عيبا عنده وأضاف الشفاء إلى ربه إذ كان حسنا ومع هذا القصد فإن الظاهر في اللفظ إزالة حكم الاسم الإلهي الذي أمرضه فلما علم الخليل عليه السلام هذا القدر نادى ذلك الاسم الذي أمرضه بقوله رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين يقول إنه أخطأ وإن كان قصد الأدب حيث نسب المرض لنفسه وما نسبه إلى حكم الاسم إلهي الذي أمرضه وما قصد إلا الأدب معه حتى لا يضيف ما هو عيب عندهم عرفا لي حكم لاسم الإلهي فيفهم من هذا الاعتراف أن الحكم كان للاسم الإلهي وهو كان مقصود الاسم فجمع هذا العارف بين أدبين في هذه المسألة بين أدب نسبة المرض إلى نفسه وبين الأدب في التعريف إن ذلك المرض حكم ذلك الاسم الإلهي من غير تصريح لكن بالتضمين والإجمال في قوله رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين ولم يسم الخطيئة ما هي يوم الدين يقول يوم الجزاء وهكذا في قوله وما أنسانيه إلا الشيطان وهو قول يوشع فتى موسى لموسى عليهما السلام وفي الحقيقة ما أنساه إلا اسم إلهي حكم عليه بذلك فأضافه إلى الشيطان أدبا مع ذلك الاسم الإلهي الذي أنساه أن يعرف موسى عليه السلام بحياة الحوت لما أراد الله من تمام ما سبق به العلم الإلهي من زيادة الاقدام التي قدر له أن يقطع بها تلك المسافة ويجاوز بها المكان الذي كان فيه خضر فارتدا على آثارهما قصصا أي يتبعان الأثر إلى أن عادا إلى المكان فوجداه تنبيها من الله وتأديبا لما جاوزه من الحد في إضافته العلم إلى نفسه بأنه أعلم من في الأرض في زمانه فلو كان عالما لعلم دلالة الحق التي هي عين اتخاذ الحوت سربا وما علم ذلك وقد علمه يوشع ونساه الله التعريف بذلك ليظهر لموسى تجاوزه الحد في دعواه ولم يرد ذلك إلى الله في علمه في خلقه القصة إلى آخرها وفيها ما يتعلق باعتبار الصفرة التي دخلت على نور الشمس في قوله في قتل الغلام فأردنا فجعل الضمير يعود على الاسم الإلهي وعليه على الاسم الإلهي بما كان في ذلك القتل من الرحمة بالأبوين وبالغلام وعليه بقتل نفس زكية بغير نفس فظاهره جور فشرك في الضمير بينه وبين الله فدخل في نسبة الفعل إلى الله في الظاهر اصفرار أي تغيير باشتراك اسم الخضر في الضمير معه مع قصد الأدب ثم قال وما فعلته عن أمري أي الحق علمني الأدب معه فهذا قد أبنت لك اعتبار الآن واصفرار الشمس فأطرده حيث وجدت معنى الآن الفاصل بين الزمانين والصفرة التي دخل على النور الخالص من اسمه النور سبحانه مثل قوله تعالى بأنه نور السماوات والأرض فلما لم يطلق على نفسه اسم النور المطلق الذي لا يقبل الإضافة وقال نور السماوات والأرض ليعلمنا ما أراد بالنور هنا فأثر حكم التعليم والإعلام في النور المطلق الإضافة فقيدته عن إطلاقه بالسموات والأرض فلما أضافه نزل عن درجة النور المطلق في الصفة فقال مثل نوره أي صفة نوره يعني المضاف إلى السماوات والأرض كمشكاة إلى أن ذكر الصباح ومادته وأين صفة نور السراج وإن كان بهذه المثابة من صفة النور الذي أشرقت به السماوات والأرض فعلمنا سبحانه في هذه الآية الأدب في النظر في أسمائه إذا أطلقناها عليه بالإضافة كيف نفعل وإذا أطلقناها عليه بغير الإضافة كيف نفعل مثل قوله يهدي الله لنوره من يشاء فأضاف النور هنا إلى
(٣٩٣)