والابن يطمع في تحصيل رتبته وأن يراه مع الأموات مقبورا والعبد قيمته من مال سيده * إليه يرجع مختارا ومجبورا والعبد مقداره في جاه سيده * فلا يزال بستر العز مستورا الذل يصحبه في نفسه أبدا * فلا يزال مع الأنفاس مقهورا والابن في نفسه من أجل والده * عز فيطلب توقيرا وتعزيرا اعلم أيدك الله أنا روينا من حديث جعفر بن محمد الصادق عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عن أبيه علي بن أبي طالب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال مولى القوم منهم وخرج الترمذي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال أهل القرآن هم أهل الله وخاصته وقال تعالى في حق المختصين من عباده إن عبادي ليس لك عليهم سلطان فكل عبد إلهي توجه لأحد عليه حق من المخلوقين فقد نقص من عبوديته لله بقدر ذلك الحق فإن ذلك المخلوق يطلبه بحقه وله عليه سلطان به فلا يكون عبدا محضا خالصا لله وهذا هو الذي رجح عند المنقطعين إلى الله انقطاعهم عن الخلق ولزومهم السياحات والبراري والسواحل والفرار من الناس والخروج عن ملك الحيوان فإنهم يريدون الحرية من جميع الأكوان ولقيت منهم جماعة كبيرة في أيام سياحتي ومن الزمان الذي حصل لي فيه هذا المقام ما ملكت حيوانا أصلا بل ولا الثوب الذي ألبسه فإني لا ألبسه إلا عارية لشخص معين أذن لي في التصرف فيه والزمان الذي أتملك الشئ فيه أخرج عنه في ذلك الوقت إما بالهبة أو بالعتق إن كان ممن يعتق وهذا حصل لي لما أردت التحقق بعبودية الاختصاص لله قيل لي لا يصح لك ذلك حتى لا يقوم لأحد عليك حجة قلت ولا لله إن شاء الله قيل لي وكيف يصح لك أن لا يقوم لله عليك حجة قلت إنما تقام الحجج على المنكرين لا على المعترفين وعلى أهل الدعاوي وأصحاب الحظوظ لا على من قال مالي حق ولا حظ ولما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عبدا محضا قد طهره الله وأهل بيته تطهيرا وأذهب عنهم الرجس وهو كل ما يشينهم فإن الرجس هو القذر عند العرب هكذا حكي الفراء قال تعالى إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا فلا يضاف إليهم إلا مطهر ولا بد فإن المضاف إليهم هو الذي يشبههم فما يضيفون لأنفسهم إلا من له حكم الطهارة والتقديس فهذه شهادة من النبي صلى الله عليه وسلم لسلمان الفارسي بالطهارة والحفظ الإلهي والعصمة حيث قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم سلمان منا أهل البيت وشهد الله لهم بالتطهير وذهاب الرجس عنهم وإذا كان لا ينضاف إليهم إلا مطهر مقدس وحصلت له العناية الإلهية بمجرد الإضافة فما ظنك بأهل البيت في نفوسهم فهم المطهرون بل هم عين الطهارة فهذه الآية تدل على إن الله قد شرك أهل البيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر وأي وسخ وقذر أقذر من الذنوب وأوسخ فطهر الله سبحانه نبيه صلى الله عليه وسلم بالمغفرة فما هو ذنب بالنسبة إلينا لو وقع منه صلى الله عليه وسلم لكان ذنبا في الصورة لا في المعنى لأن الذم لا يلحق به على ذلك من الله ولا منا شرعا فلو كان حكمه حكم الذنب لصحبة ما يصحب الذنب من المذمة ولم يصدق قوله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا فدخل الشرفاء أولاد فاطمة كلهم ومن هو من أهل البيت مثل سلمان الفارسي إلى يوم القيامة في حكم هذه الآية من الغفران فهم المطهرون اختصاصا من الله وعناية بهم لشرف محمد صلى الله عليه وسلم وعناية الله به ولا يظهر حكم هذا الشرف لأهل البيت إلا في الدار الآخرة فإنهم يحشرون مغفورا لهم وأما في الدنيا فمن أتى منهم حدا أقيم عليه كالتائب إذا بلغ الحاكم أمره وقد زنى أو سرق أو شرب أقيم عليه الحد مع تحقق المغفرة كما عز وأمثاله ولا يجوز ذمه وينبغي لكل مسلم مؤمن بالله وبما أنزله أن يصدق الله تعالى في قوله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا فيعتقد في جميع ما يصدر من أهل البيت إن الله قد عفا عنهم فيه فلا ينبغي لمسلم أن يلحق المذمة بهم ولا ما يشنأ أعراض من قد شهد الله بتطهيره وذهاب الرجس عنه لا يعمل عملوه ولا بخير قدموه بل سابق عناية من الله بهم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم وإذا صح الخبر الوارد في سلمان الفارسي فله هذه الدرجة فإنه لو كان سلمان على أمر يشنئوه
(١٩٦)