أحدية المشيئة فنسبته إلى الحق إذا وصف به إنما ذلك من حيث ما هو الممكن عليه لا من حيث ما هو الحق عليه قال تعالى ولكن حق القول مني وقال تعالى أفمن حقت عليه كلمة العذاب وقال ما يبدل القول لدي وما أحسن ما تمم به هذه الآية وما أنا بظلام للعبيد وهنا نبه على سر القدر وبه كانت الحجة البالغة لله على خلقه وهذا هو الذي يليق بجناب الحق والذي يرجع إلى الكون ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها فما شئنا ولكن استدراك للتوصيل فإن الممكن قابل للهداية والضلالة من حيث حقيقته فهو موضع الانقسام وعليه يرد التقسيم وفي نفس الأمر ليس لله فيه إلا أمر واحد وهو معلوم عند الله من جهة حال الممكن (مسألة) ظاهر معقول الاختراع عدم المثال في الشاهد كيف يصح الاختراع في أمر لم يزل مشهودا له تعالى معلوما كما قررناه في علم الله بالأشياء في كتاب المعرفة بالله (مسألة) الأسماء الإلهية نسب وإضافات ترجع إلى عين واحدة إذ لا يصح هناك كثرة بوجود أعيان فيه كما زعم من لا علم له بالله من بعض النظار ولو كانت الصفات أعيانا زائدة وما هو إله إلا بها لكانت الألوهية معلولة بها فلا يخلو أن تكون هي عين الإله فالشئ لا يكون علة لنفسه أو لا تكون فالله لا يكون معلولا لعلة ليست عينه فإن العلة متقدمة على المعلول بالرتبة فيلزم من ذلك افتقار الإله من كونه معلولا لهذه الأعيان الزائدة التي هي علة له وهو محال ثم إن الشئ المعلول لا يكون له علتان وهذه كثيرة ولا يكون إلها إلا بها فبطل أن تكون الأسماء والصفات أعيانا زائدة على ذاته تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا (مسألة) الصورة في المرآة جسد برزخي كالصورة التي يراها النائم إذا وافقت الصورة الخارجة وكذلك الميت والمكاشف وصورة المرآة أصدق ما يعطيه البرزخ إذا كانت المرآة على شكل خاص ومقدار جرم خاص فإن لم تكن كذلك لم تصدق في كل ما تعطيه بل تصدق في البعض واعلم أن أشكال المرائي تختلف فتختلف الصور فلو كان النظر بالانعكاس إلى المرئيات كما يراه بعضهم لأدركها الرائي على ما هي عليه من كبر جرمها وصغره ونحن نبصر في الجسم الصقيل الصغير الصورة المرئية الكبيرة في نفسها صغيرة وكذلك الجسم الكبير الصقيل يكبر الصورة في عين الرائي ويخرجها عن حدها وكذلك العريض والطويل والمتموج فاذن ليست الانعكاسات تعطي ذلك فلم يتمكن أن نقول إلا أن الجسم الصقيل أحد الأمور التي تعطي صور البرزخ ولهذا لا تتعلق الرؤية فيها إلا بالمحسوسات فإن الخيال لا يمسك إلا ما له صورة محسوسة أو مركب من أجزاء محسوسة تركبها القوة المصورة فتعطي صورة لم يكن لها في الحس وجود أصلا لكن أجزاء ما تركبت منه محسوسة لهذا الرائي بلا شك (مسألة) أكمل نشأة ظهرت في الموجودات الإنسان عند الجميع لأن الإنسان الكامل وجد على الصورة لا الإنسان الحيوان والصورة لها الكمال ولكن لا يلزم من هذا أن يكون هو الأفضل عند الله فهو أكمل بالمجموع فإن قالوا يقول الله لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون ومعلوم أنه لا يريد أكبر في الجرم ولكن يريد في المعنى قلنا له صدقت ولكن من قال إنها أكبر منه في الروحانية بل معنى السماوات والأرض من حيث ما يدل عليه كل واحدة منهما من طريق المعنى المنفرد من النظم الخاص لأجرامهما أكبر في المعنى من جسم الإنسان لا من كل الإنسان ولهذا يصدر عن حركات السماوات والأرض أعيان المولدات والتكوينات والإنسان من حيث جرمه من المولدات ولا يصدر من الإنسان هذا وطبيعة العناصر من ذلك فلهذا كانا أكبر من خلق الإنسان إذ هما له كالأبوين وهو من الأمر الذي يتنزل بين السماء والأرض ونحن إنما ننظر في الإنسان الكامل فنقول إنه أكمل وأما أفضل عند الله فذلك لله تعالى وحده فإن المخلوق لا يعلم ما في نفس الخالق إلا بإعلامه إياه (مسألة) ليس للحق صفة نفسية ثبوتية إلا واحدة لا يجوز أن يكون له اثنتان فصاعدا إذ لو كان لكانت ذاته مركبة منهما أو منهن والتركيب في حقه محال فإثبات صفة زائدة ثبوتية على واحدة محال (مسألة) لما كانت الصفات نسبا وإضافات والنسب أمور عدمية وما ثم إلا ذات واحدة من جميع الوجوه لذلك جاز أن يكون العباد مرحومين في آخر الأمر ولا يسرمد عليهم عدم الرحمة إلى ما لا نهاية له إذ لا مكره له على ذلك والأسماء والصفات ليست أعيانا توجب حكما عليه في الأشياء فلا مانع من شمول الرحمة للجميع ولا سيما وقد ورد سبقها للغضب فإذا انتهى الغضب إليها كان الحكم لها فكان الأمر على ما قلناه لذلك قال تعالى ولو شاء ربك
(١٦٣)