العقل (1) العملي في قبال حكم العقل النظري، إذ ليس شأن العاقلة الا التعقل كما في سائر القوى ولا بعث ولا زجر من العاقلة، وليس تفاوت العقل النظري مع العقل العملي من حيث ما هو وظيفة القوة العاقلة، بل التفاوت بالمدرك، فالمدرك إذا كان له مساس بالعمل وكان ينبغي أن يؤتى به أولا يؤتى به سمى حكما عقليا عمليا، وإذا كان مما ينبغي أن يعلم سمى نظريا، وكونه كذلك من غير ناحية الادراك والقوة المدركة بل لا بد من أن يكون من تلقاء الشارع أو العقلاء، فما تطابقت عليه آراء العقلاء حفظا للنظام وابقاء للنوع كحسن العدل وقبح الظلم إذا أدركه العقل دخل في حكم العقل العملي.
واما نفس كون العدل حسنا يمدح على فاعله وكون الظلم قبيحا يذم على فاعله فمأخوذ من العقلاء، وعليه فليس المراد بكونه حجة عقلا إلا كونه حجة عند العقلاء.
وقد بينا في مبحث حجية الظواهر (2): ان المراد بحجية شئ عند العقلاء ليس جعل الحكم المماثل منهم على طبقه ولا الانشاء بداعي تنجيز الواقع، بل بنائهم عملا على اتباع خبر الثقة أو ظاهر الكلام والاحتجاج بهما هو مدرك الحجية، فما لا عمل على طبقه منهم لا معنى لحجيته عندهم.
ومن الواضح: أنه لا عمل منهم على طبق الظن مطلقا وهو واضح، ولا عمل على طبقه في مرض المقدمات المزبورة، حيث لهم يقع هذه المقدمات في أمورهم العادية وأوامرهم المولوية ليكون لهم عمل على طبقه، فيكون إمضاء الشارع على وفقه والبناء الفرضي، مع أنه في نفسه غير مفيد لا يحقق امضاء من الشارع، حيث لا عمل ليتحقق التقرير والامضاء، فاتضح أن تفرع قبح العمل بغير الظن على حجيته، فاسد من جميع الوجوه.
واما الثاني وهو كون قبح ترجيح المرجوح على الراجح من مقدمات حجية الظن.
فنقول: إن المراد من الراجح والمرجوح.