تام الاقتضاء وغير تام الاقتضاء من حيث البقاء، ولذا لم يفرق (1) - قده - في اشكال الدور من هذه الجهة كما لم يفرق غيره (2) أيضا، مع وضوح أن العام دائما متأخر عما بنى العقلاء بما هم عقلاء، على العمل بشئ، فإنه لا يختص بزمان دون زمان ولا بملة ونحلة خاصة.
وربما يتوهم تقديم الآيات الرادعة بوجه آخر وهو أن حجية السيرة بحكم العقل التعليقي فلا محالة يرتفع بوجود التنجيزية نظرا إلى أن حجية السيرة:
إما من باب حكم العقل بقبح المؤاخذة على أزيد مما استقرت عليه سيرة العقلاء من دون استكشاف رضاء الشارع وامضائه فيكون كحكم العقل من باب الحكومة في صورة الانسداد.
وإما من باب حكم العقل بقبح نقض الغرض، حيث إن بناء العقلاء بمرئى من الشارع فلو لم يكن راضيا به وأمكنه الردع ولم يردع لكان ناقضا لغرضه وهو قبيح عقلا. وأنت خيبر بما في الوجهين:
أما في الأول: فلان حكم العقل استقلالا بقبح المؤاخذة على أزيد مما بنى عليه العقلاء لا بد من أن يكون بمقدمات توجب الانتهاء إلى هذا الحكم العقلي كمقدمات الانسداد الموجبة له هناك وعدم هذه المقدمات من الوضوح بمكان ولا جزاف في الاحكام العقلية.
وأما في الثاني: فلأن الكبريات الشرعية التي بلحاظها يكون الحكم شرعيا دائما منتهية إلى الكبريات العقلية، ومع ذلك لم يكن تلك الكبريات الشرعية داخلة تحت الكبريات العقلية فلو فرض أن الشارع قال صريحا بان السيرة حجة لأمكن إدراجه تحت كبرى عقلية بأن يقال لو لم يكن الشارع في كلامه هذا راضيا بالعمل بالسيرة لكان ذلك منه اغراء بالجهل، وهو قبيح عقلا.
ولا يتوهم متوهم أن حجية السيرة حينئذ من باب قبح الاغراء، بالجهل، وبالجملة تقرير الشارع بعدم ردعه كفعله أو قوله دليل الحجية شرعا وإن كانت حجية قوله وفعله وتقريره عقلية فلا تغفل. هذا كله في تقريب رادعية الآيات