الواقعي مع العنوان المتعلق للحكم الظاهري لا يجتمعان في الوجود الذهني حتى يكون هناك مجمع عنواني لموضوعي الحكمين، وذلك لأن موضوع الحكم الواقعي نفس الفعل المجرد عن لحاظ العلم بحكمه والشك فيه، وموضوع الحكم الظاهري هو الفعل بوصف كونه مشكوك الحكم، فكيف يجتمع لحاظ التجرد ولحاظ الإنصاف.
وبعبارة أخرى موضوع الحكم الواقعي الفعل من حيث نفسه، وموضوع الحكم الظاهري الفعل بملاحظة ثبوت الحكم له، ولحاظه من حيث نفسه ولحاظه من حيث ثبوت الحكم له متنافيان، وهذا بخلاف الصلاة والغصب فان مجمعهما عنوان الصلاة في الغصب وليس أحدهما ملحوظا بنحو لا يجتمع مع الاخر.
والجواب عنه يتوقف على تمهيد مقدمة: وهي أن الماهية، تارة تلاحظ (1) بنفسها بحيث يكون النظر مقصورا ذاتا على ذاتها وذاتياتها من دون اضافتها وقياسها إلى الخارج عن ذاتها، وهي في هذه الملاحظة ليست إلى هي غير واجدة بوجدان ما هوى إلا لذاتها وذاتياتها، وفى هذه الملاحظة لا تصلح إلا للحكم عليها بذاتها وذاتياتها لا بالخارج عنها فإنها خلف، إذ المفروض عدم مقايستها وإضافتها إلى الخارج عن ذاتها، وأخرى تلاحظ مقيسة ومضافة إلى الخارج عن ذاتها وهي في هذه الملاحظة لها اعتبارات ثلاثة:
أحدها: ملاحظتها واعتبارها مع ذلك الشئ ومقترنة به كالكتابة مثلا ويسمى بالماهية بشرط الشئ.
ثانيها: اعتبارها مع عدم الكتابة، وتسمى بالماهية بشرط لا.
ثالثها: اعتبارها بحيث لا يكون مقترنة بالكتابة لا مقترنة بعدمها، وتسمى بالماهية اللا بشرط القسمي، فاللا بشرط المقسمي انما يكون لا بشرط بالإضافة إلى هذه الاعتبارات الثلاثة دون غيرها، ولا تعين للماهية إلا أحد هذه التعينات الثلاثة والا لم يكن مقسما، إذ المقسم لا يكون منحازا عن أقسامه وإلا لزم