الاحكام الواقعية، وهذا هو الذي يقال بالاجماع وتواتر الاخبار على خلافه، والدور المتقدم لو كان صحيحا لجرى في هذا القسم أيضا، لان تلك الأحكام وإن كانت قبل الآراء قبلية بالزمان لكنها بعدها بالطبع وبالعلية، إذ المفروض انه لولا تلك الآراء والظنون لم يجعل تلك الأحكام، فلتلك الآراء نحو من الشرطية، لثبوتها قبلا مع أنها لمكان تعليقيتها متأخرة عن تلك الأحكام خصوصا إذا كانت تلك الأحكام المجعولة مترتبة على ظن المجتهد بها نحو القضية الحقيقة، فان محذور توقف الحكم على موضوعه وتوقف الموضوع على حكمه جار فيه أيضا بل لا يبقى حينئذ فرق بينه وبين القسم الأول إلا بكون الجعل هنا بنحو القضية الحقيقية والجعل هناك بنحو القضية الخارجية، وهو كذلك لفرض عدم الحكم هناك رأسا وحدوثه بالعلم والظن به، فتوقف الحكم هناك على العلم به توقف المشروط على شرطه وتوقفه هنا توقف العارض على معروضه فتدبر جيدا.
ثالثها: أن يكون لتلك الأحكام ثبوت واقعي للوقايع من دون توقف لأصلها على العلم والظن بوجه أصلا، إلا أن فعليتها منوطة بقيام الطريق عليها وهو على قسمين:
أحدهما: أن يكون تلك الأحكام مصروفة إلى مؤديات الطرق بحيث لو قام طريق على خلافه لسقط الحكم الفعلي من أصله، فالفرق بينه وبين القسم الثاني أن الحكم من الأول لم يجعل على خلاف طريق من الطرق في الأول وهنا جعل حكم مخالف لما أدى إليه الطريق، لكنه سقط من أصله بقيام الطريق على خلافه، بدعوى أن ما قام عليه الطريق ذو مصلحة غالبة مضادة للمصلحة المقتضية للحكم الواقعي، وإذا سقطت المصلحة المغلوبة عن التأثير سقط مقتضاها وهو الحكم، فالأول تصويب حدوثا، وهذا تصويب بقاء لكنه ليس فيه توهم الدور.
وهذا أيضا إذا كان جعل الحكم المخالف بنحو القضية الخارجية، وإلا إذا كان بنحو القضية الحقيقية، فلا محالة يتقيد الحكم الواقعي بما إذا لم يقم على خلافه طريق، فليس لمن قام عنده طريق مخالف حكم من الأول، فهو تصويب حدوثا لا بقاء فقط لفرض عدم المشترك في حقه ليكون مستحيلا.
ثانيهما: الصرف بنحو التقييد بأن يكون الحكم الواقعي الذي أدى إليه الطريق