العدم والملكة وإن كان لا يستدعى الا ثبوت المعلوم والمجهول بثبوته الماهوي لا بثبوته الخارجي لعدم توقف العلم الا على المعلوم بالذات لا على المعلوم بالعرض كما مر مرارا فلا دلالة حينئذ على ثبوت التكليف خارجا وحيا أو الهاما لكنه مع ذلك لا يصدق في شأنه انه مما لم يوقف الله عباده عليه ولم يعلمهم به فإنه ظاهر في ثبوت حكم ما أوقفهم الله عليه ولم يطلعهم عليه لا بنحو السالبة بانتفاء الموضوع فاتضح ان الحجب على أي حال يستدعى ثبوت التكليف وحيا أو الهاما وحجبه حينئذ بأحد وجهين:
اما بعدم امره حججه (ع) بتبليغه وتعريفه للعباد أو باختفائه بعد تبليغ الحجج وتعريفهم إياه باخفاء الظالمين أو غيره من العوارض الموجبة لاختفائه ونسبة الحجب إليه تعالى على الأول ظاهرة حيث إن الحكم صار محجوبا من قبله (تعالى) بعدم امره حججه (ع) بتعريفه وتبليغه.
واما على الثاني فلا اما لأنه لا يصدق في حقه انه مما حجبه الله عن العباد بل عرفهم إياه على لسان حججه (ع) وان لم يصل إلى بعضهم لعارض واما لان حجبه مستند إلى الظالمين وغيرهم لا إليه تعالى.
فان قلت نسبة الحجب إليه (تعالى) بلحاظ انتهاء سلسلة الأسباب إلى رب الأرباب فيكون كقوله (ع) (1) " كل ما غلب الله عليه فهو أولى بالعذر " مع أن المقهورية في الأسباب العذرية مستندة ابتداء إلى أسباب طبيعية من نوم أو اغماء أو جنون ونحوها بل ليس في العالم شئ الا وله سبب أو أسباب ومرجع الكل إلى مسبب الأسباب.
قلت: قد ذكرنا في مبحث الطلب والإرادة (2) ان المسببات بما هي موجودات محدودة لا تنسب الا إلى أسباب هي كذلك وبما هي موجودات بقصر النظر على طبيعة الوجود المطلق ينسب إلى الموجود المطلق لان الفاعل الذي منه الوجود