أو على طبق المشكوك والموهوم، وقد أبطلنا الأولين بمقتضى المقدمة الرابعة، فيدور الأمر بين جعلها فعلية على طبق المظنونات بخصوصها أو على طبق المشكوكات والموهومات بخصوصهما، فتعين فعلية الحكم على طبق المظنون دون المشكوك والموهوم يحتاج إلى معين حتى يكون الظن بالحكم ظنا بالحكم الفعلي ليتنجز بالظن، فالظن بالحكم الفعلي نتيجة تعين الحكم الفعلي في طرف المظنون، ولا يتعين إلا بالقطع بصلاحية الظن للاحتجاج به على الحكم على تقدير ثبوته حتى يظن بثبوته فعليا بقول مطلق.
وقد عرفت عدم الدليل على صلاحية الظن للاحتجاج به المبلغ للحكم إلى مرتبة الفعلية والتنجز لا شرعا ولا عقلا، فلا يتحقق بالمقدمات ظن بالعقاب واحتمال العقاب حتى يصح الايكال إلى ما هو مقتضى الجبلة والطبع بالمقدمة الخامسة إلا بتقريب ينتج حجية الظن على وجه الكشف، وهو أن الشارع حيث لا طريق له في ايصال أحكامه التي لا يمكنه رفع اليد عنها إلا الظن والاحتمال فان الخصوصية الواقعية المحتملة في طرف المشكوك أو الموهوم بوجودها الواقعي غير صالحة لجعل الحكم في طرف المشكوك أو الموهوم بالغا مرتبة الفعلية فلا بد من بيانها.
فلو كان الغرض فعلية الحكم في طرفهما مع عدم بيان تلك الخصوصية كان الشارع ناقضا لغرضه، فيستكشف قطعيا عدم خصوصية مبلغة للحكم مرتبة الفعلية في خصوص المشكوك والموهوم، فينحصر أمر المبلغ في الظن وما يقابله، وإذا فرض أن مقتضى البلوغ إلى مرتبة الفعلية إما الاحتمال الراجح أو غيره، فلا محالة يؤثر الاحتمال الراجح في فعلية الحكم، لاستحالة تأثير الأضعف دون الأقوى (1)، ويقبح من الحكيم جعل حكمه فعليا على طبق المرجوح دون الراجح، فالمقدمة الخامسة كاشفة عن أن الشارع لا يجعل الاحتمال الغير الراجح مبلغا لحكمه دون الراجح لغرض انحصار المبلغ في الاحتمال بما هو، ونتيجة هذه المقدمات بضميمة قبح نقض الغرض جعل الشارع للظن مبلغا للحكم في طرفه إلى مرتبة الفعلية والتنجز وسيجيئ بعض الكلام في محله انشاء الله تعالى.