واقعة في طريق استنباط المجعول التبعي وهو الالزام العقلي، بل هكذا الأمر فيما تكون حجة ببناء العقلاء كالظواهر أو كالخبر بناء على حجيته ببناء العقلاء فإنه لابد من إمضائها شرعا وليس إمضاء الاعتبارات العقلائية إلا باعتبار الشارع لها على حد إعتبار العقلاء إياها، فيكون الالزام العقلي مجعولا بتبع جعل الحجية ابتداء أو إمضاء، لكنه توهم فاسد.
أما أولا: فبأن الالزام العقلي لا يعقل، إذ لا بعث ولا زجر من القوة العاقلة بل شأنها التعقل وليس الحكم العقلي العملي إلا إدراك ما ينبغي أن يؤتى به أو لا ينبغي أن يؤتى به، والأحكام العقلائية في باب التحسين والتقبيح ليست الا بناء العقلاء وعلى مدح فاعل بعض الأفعال وذم فاعل بعضها الاخر.
واما ثانيا: فبأن الحكم العقلائي المزبور نسبته إلى الحجية نسبة الحكم إلى موضوعه لا نسبة الأمر الانتزاعي إلى منشأ انتزاعه حتى يكون مجعولا بجعله تبعا، كيف وهو مجعول من العقلاء، غاية الأمر أنه مرتب على موضوعه المجعول شرعا.
وأما ثالثا: فبأن الوجوب المتعلق بالكل حيث إنه مستنبط من الدليل المتكفل له فكذلك الجزئية مستنبطة منه بتبع استنباط منشأ انتزاعها، بخلاف الالزام العقلي أو الحكم العقلائي فإنه وإن كان لازما للحجية المستنبطة من دليلها إلا أنه غير مستنبط من هذا الدليل بالتبع، وليس مجرد ملازمة شئ لشئ ملاك الاستنباط ولا ينتقض بما سيجيئ من استلزام وجوب تصديق العادل لوجوب صلاة الجمعة حيث نكتفي به في مرحة الاستنباط.
لأن الخبر القائم على وجوب صلاة الجمعة لا يستنبط منه الوجوب إلا بواسطة حجية الخبر الملازمة لجعل الحكم المماثل بلسان أن المؤدى هو الواقع، فحيث انه يجعل المؤدى واقعا يقال باستنباط الحكم الواقعي من الخبر بضميمة دليل الحجية وأين هذا من مجرد الملازمة بين حكم العقلاء والحجية الشرعية.
ويمكن الاشكال على التعميم من حيث الوقوع في طريق الاستنباط ومن حيث انتهاء أمر الفقيه إليه في مقام العمل بوجهين: