على أي تقدير ومع عدمها لمكان الاضطرار إلى أحدهما لا بعينه الراجع إلى عدم القدرة على إتيان المحتملات رعاية للتكليف المنجز يرخصه العقل في كل من الأطراف، ولا يعقل الرخصة فيما اختاره مع تنجز التكليف فيه واستحقاق العقوبة عليه، بخلاف حرجية المحتملات فإنها ليست مانعة شرعا حتى يستتبع الرخصة في ترك كل واحد حتى يمنع عن فعلية التكليف فيما يختاره في مقام دفع الحرج عن نفسه فالقياس باطل والفارق واضح.
وأما ما أفاده - قده - (1) من منع حكومة دليل العسر والحرج على حكم العقل بالاحتياط فالمراد عدم حكومته على حد حكومته على الأدلة المتكفلة للأحكام المجعولة بقصرها على غير مورد الحرج، فان حكم العقل ليس من المجعولات شرعا.
وأما جريان دليل الحرج في رفع حكم شرعي يكون رعاية موجبة لحكم العقل بالاحتياط، فرفع موضوع حكم العقل، فيصح دعوى الحكومة لدليل نفى الحرج على قاعدة الاحتياط فهو أجنبي عن نفى الحكومة بالوجه الذي ذكرنا، وقد تبين من عدم حرجية نفس موضوع التكليف الواقعي عدم جريان الحكومة على الوجه الاخر، فتدبر.
130 - قوله: لان العسر حينئذ يكون من قبل التكاليف المجهولة الخ:
التكليف وإن كان مقتضيا لامتثاله إلا أن العسر ليس في امتثاله بل في تحصيل العلم بامتثاله بالجمع بين محتملاته، وهو ليس من مقتضيات التكليف ولو بواسطة أو وسائط، والتكليف المجهول ليس بما هو تكليف مجهول حكما شرعيا وتكليفا إلهيا حتى يقال إن لزوم العلم بامتثاله من مقتضياته، وليس هنا اطلاق يفيد الإرادة الأعم من اقتضاء العسر أو الموضوعية لأمر عقلي لازمه العسر، بل الظاهر من قوله (ع) " لا ضرر " (2) أو قوله تعالى: (ما جعل عليكم في الدين من حرج (3)) بناء على إرادة الحكم الموصوف بالضرر أو العسر