" في تنزيل الأمارة منزلة القطع " 21 - قوله: ولحاظهما في أحدهما آلي وفي الآخر استقلالي إلخ (1):
لا يذهب عليك أن القطع والظن حين تعلقهما بشئ طريق صرف، وليس الملحوظ في تلك الحال على وجه الأصالة والاستقلال، إلا ذلك الشئ والقطع مثلا - نحو " حضور المعنى عند النفس " وهو معنى لحاظه، وليس للقطع لحاظ - لا آليا استقلاليا - بل هو عين لحاظ الغير، فليس كالمرآت حتى يعقل أن ينظر فيها إلى شئ فتكون منظورة بالتبع، بل القطع عين لحاظ الذهى ونظره إلى المعلوم، بل القطع كما لا يكون ملحوظا آليا كذلك ليس آلة، لعدم تعقل كون لحاظ الشئ آلة للحاظ، كما لا يعقل أن يكون آلة لذات الشئ، أو لوجوده الخارجي (2).
إذا عرفت ذلك فاعلم أن القطع إنما يتصف بالطريقية المرآتية عند تعلقه حقيقة بالشئ، وفي غير تلك الحال لا يعقل أن يلاحظ إلا استقلالا، وليس القطع بما هو من وجوه متعلقه وعناوينه حتى يعقل لحاظه تارة، بنحو الفناء في المعنون وذي الوجه وأخرى، بنفسه، بمعنى أن يكون تارة ما به ينظر، وأخرى ما فيه ينظر، وكيف يعقل لحاظ صفة القطع على الوجه الذي هو عليه حال تعلقه بشئ حقيقة في مقام تنزيل شئ منزلته، إذ الآلة لا يعقل أن يكون طرفا.
نعم، يمكن تقريب الإشكال بوجه آخر، وهو أن القطع والظن حيث إنهما متقومان بذات المقطوع والمظنون فثبوت (3) أحدهما يستلزم ثبوت الآخر، فالأمر بترتيب الأثر على الظن، يمكن أن يكون على وجه الكناية أمرا بترتيب الأثر على لازمه، وهو ذات المظنون، كما يمكن أن يكون على وجه الأصالة والحقيقة أمرا بترتيب الأثر على نفسه، ولا يعقل ملاحظة الظن قنطرة (4) للانتقال إلى لازمه وهو ذات المظنون، وملاحظته لا على هذا الوجه بل على وجه الحقيقة والأصالة، فلا يعقل أن يكون القضية الواحدة كنائية وحقيقية، فيكون نظير الجمع بين اللحاظ