أما أولا: فلأن مصلحة الأمر غير استيفائية للمكلف حتى يدعو إلى البعث ويكون موجبة لتدارك ما فات من مصلحة الواقع.
وأما ثانيا: فلان متعلق الأمر إذا لم يكن فيه بنفسه مصلحة يستحيل أن يتعلق به بعث، فان البعث ايجاد تسبيبي من المولى إلى الفعل المكلف المحصل للملاك الموافق لغرض الامر، والغرض متعلق بحيثية صدوره عن المكلف لا بحيثية صدوره من المولى وبقية الكلام في محله.
58 - قوله: نعم لو قيل باستتباع جعل الحجية للأحكام التكليفية (1) الخ:
لا يخفى عليك أن استتباع الحجية للحكم التكليفي إما بنحو استتباع الموضوع لحكمه وإما بنحو استتباع منشأ الانتزاع للأمر الانتزاعي، وكلاهما محل الإشكال.
أما الأول: فلان الحجية ليست كالملكية ذات اثار شرعية ولم يرتب على الحجية شرعا وجوب العمل على طبقها حقيقة، بل لا يعقل ترتبه عليها سواء كان الحكم المرتب حقيقيا أو طريقيا، إذ بعد جعل الحجية اعتبارا بأحد الوجوه المتصورة لا يبقى مجال لجعل الداعي ولا للانشاء بداعي تنجيز الواقع، إذ كفى بالحجة الشرعية حاملا للمكلف على ما قامت عليه وكفى بها منجزا للواقع، وبعد حصول الغرض من الحكم بأي معنى كان يكون الحكم بلا ملاك وهو على حد المعلول بلا علة.
وأما الثاني: فلأن الحكم الموضعي وإن كان يصح انتزاعه بلحاظ حكم تكليفي كالجزئية والشرطية بلحاظ التكليف بالمركب والمقيد، لكونه في نفسه أمرا انتزاعيا إلا أن الحكم التكليفي لا يصح جعله إلا بالإنشاء بداعي جعل الداعي، واعتبار أمر وضعي لا يعقل أن ينشأ منه بداعي جعل الداعي حتى يستتبع الأمر الوضعي حكما تكليفيا، وترتب الدعوة والباعثية عليه غير استتباعه لمقولة