الاشكال هذا الوجه دون الوجه الأول. وعليه فلا مناص إلا ابطال المبنى وهو أنه لا يجب انبعاث الامر عن ملاك عقلي من باب التحسين والتقبيح العقليين، وما يقال من أن الشارع لا يأمر (1) إلا بالحسن ولا ينهى إلا عن القبيح فلا يراد منه الحسن والقبح بهذا المعنى الذي ملاكه المصالح العامة الموجبة لبقاء النوع والمفاسد العامة الموجبة لاختلال النظام بل المراد أن الشارع لا يأمر إلا بما فيه مصلحة ولا ينهى إلا عما فيه مفسدة ولو لم تكونا عمومية بحيث لو التفت العقل إلى تلك المصلحة أو تلك المفسدة لحكم بصلاحيتهما للعلية للبعث والزجر.
وهذا مفاد الحكم العقلي النظري كما أن الأول مفاد الحكم العقلي (2) العملي فتدبر جيدا.
271 - قوله: " مع أن الكلام في هذه المسألة لا يختص " الخ:
قد عرفت سابقا أن اعتبار قصد الوجه تارة، لوجه عقلي وجهنا به كلام المتكلم. وأخرى، لمجرد احتمال دخله في الغرض وحكم العقل باتيانه، فإن كان الوجه في اعتبار قصد الوجه هو الأول فملاكه كون الواجب معنونا بعنوان حسن لا يصدر حسنا إلا إذا قصد عنوانه تفصيلا أو إجمالا من طريق الأمر بقصد وجهه الشرعي المحاذي لوجهه العقلي، سواء كان الغرض الباعث على الامر به يترتب على نفس الفعل الحسن بما هو حسن أو كان الغرض بحيث لا يترتب عليه إلا إذا صدر بداع الامر به.
فيكون الواجب المنطبق عليه عنوان حسن عقلي، تارة تعبديا، وأخرى توصليا من دون ملازمة بين اعتبار قصد الوجه والتعبدية، هذا في الحكم الشرعي المستند إلى الحكم العقلي بملاك التحسين والتقبيح العليين، وأما إذا لم يكن كذلك بل كان لمجرد مصلحة في المتعلق فلا موجب لقصد الوجه أصلا كما لا ملازمة بين الانبعاث عن المصلحة وكون المورد محكوما بالحسن عقلا، لما مر