التحقيق في علة وجوب معرفة الله وأنبيائه و...
166 - قوله: من باب وجوب المعرفة لنفسها كمعرفة الواجب تعالى (1) الخ:
يمكن أن يشكل وجوب المعرفة لنفسها من باب وجوب الشكر بان الشكر إذا كان صرف النعمة في ما خلقت لأجله فوجوبها مقدمي لا نفسي، نظير وجوب معرفة الأمر مقدمة لامتثال أمره، والتحقيق كما عليه أهله أن الشكر وسائر مقامات الدين لها مراتب ثلاثة، علم وحال وعمل.
فمعرفة المنعم من الأول والتخضع له قلبا من الثاني وصرف النعمة فيما خلقت لأجله بأداء ما هو وظيفة السمع والبصر واللسان من الثالث، فمعرفة المنعم من أفضل مراتب شكر (2) النعمة، ولكنه لا يخفى عليك أن هذه المعرفة ليس مصداقا لهذه المرتبة من الشكر بل ما هو مصداقه معرفة المنعم بما هو منعم لا بذاته، لان الحيثية التعليلية - وهي المنعية لوجوب الشكر - حيثية تقييدية له كما في جميع الأحكام العقلية، فلا تجب معرفة الذات لانعامه نفسا بل مرجعه إلى معرفة وجوب معرفة الذات مقدمة لمعرفته بالمنعمية مع أن المقصود اثبات وجوب المعرفة لنفسها.
ثم إن أصل وجوب الشكر عقلا بحيث يستحق العقاب على تركه لا يثبت الا بإدخاله تحت قاعدة التحسين والتقبيح العقليين، ومن البين عند التأمل أن شكر المنعم علما وحالا وعملا وإن كان تعظيما للمنعم وإحسانا إليه إلا أنه لا يثبت به