فرض فيه عدم المنع شرعا ومالكيا لا يلازم عدم الحرج في الفعل المحتمل، لورود المنع عنه شرعا، كما أنه يظهر ان جريان قاعدة قبح العقاب بلا بيان هنا وعدم جريانها في تلك المسألة لا يوجب عدم الاحتياط هنا، فان القاعدة ان جرت هنا ولم تجر هناك لفرض عدم التكليف فلا موقع للبيان وعدمه الا ان ملاك الحظر وهو عدم الإذن موجود هنا، فالعقاب وان كان لا يصح على الواقع المحتمل لكنه يصح على الفعل من حيث إنه لم يأذن به المالك، فالجواب الأول والأخير المذكوران في المتن (1) مورد المناقشة.
والتحقيق في الجواب: يتوقف على بيان مقدمة وهي بيان الفرق بين المنع والإباحة الشرعيين والإباحة والمنع المالكين، وهو ان المنع تارة ينشأ عن مفسدة في الفعل تبعث الشارع بما هو مراع لمصالح عباده وحفظهم عن الوقوع في المفاسد على الزجر والردع عما فيه المفسدة، وهذا هو المنع الشرعي لصدوره من الشارع بما هو شارع، وفى قباله الإباحة الشرعية الناشئة عن لا اقتضائية الموضوع وخلوه عن المفسدة والمصلحة، فان سنة الله ورحمته مقتضية للترخيص في مثله لئلا يكون العبد في ضيق منه وأخرى لا ينشأ عن مفسدة اما لفرض خلوه عنها أو لفرض عدم تأثيرها فعلا في الزجر كما في ما قبل تشريع الشرايع والاحكام وفى بدو الاسلام، بل من حيث إنه مالك للعبد وناصيته بيده يمنعه عن كل فعل إلى أن يقع موقع حكم من الاحكام حتى يكون صدوره ووروده عن رأى مولاه، فهذا منع مالكي لا شرعي، وفى قباله الإباحة المالكية وهو الترخيص من قبل المالك لئلا يكون في ضيق منه إلى أن يقع الفعل موقع حكم من الاحكام.
فنقول: حيث إن الشارع كل تكاليفه منبعثة عن المصالح والمفاسد لانحصار أغراضه المولوية فيها فليس له الا زجر تشريعي أو ترخيص كذلك فمنعه وترخيصه لا ينبعثان الا عما ذكر، ولا محالة إذا فرض خلو الفعل عن الحكم بقول مطلق أعني الحكم الذي قام بصدد تبليغه وان كان لا يخلو موضوع من