وأما شبهة لزوم الخلف من وجه آخر وهو أن فرض نفس إتيان الشئ بداعي أمره وبعنوان أنه واجب، فرض عدم تعلق الأمر بالمجموع من الشئ وقصد الامتثال وقصد الوجه، وفرض تعلق الأمر بالمجموع فرض عدم تعلقه بذات الشئ وهو المراد بأنه يلزم من أخذه في المتعلق عدم أخذه فيه، وما يلزم من وجوده عدمه فهو محال.
فهي مدفوعة: بما أشرنا إليه في مبحث أخذ القطع (1) بشخص الحكم في موضوع نفسه من أن المأمور به ليس هو المأتي به بداعي أمره بما هو كذلك حتى يلزم منه الخلف، بل الصلاة مثلا نوع له أصناف وطبيعي له حصص، فالصلاة المأتي بها بداع الأمر حصة وصنف، والصلاة المأتي بها بغيره من الدواعي حصة وصنف آخر، فيمكن تعلق الأمر بذات تلك الحصة وذلك الصنف الملازم لذلك الداعي الخاص فلم يلزم من الأمر بذات هذه الحصة عدم الأمر بها.
ومنه يعلم أيضا أن المقيد بما هو ليس مأمورا به، حتى لا يكون لذات المقيد أمر، وليس قصد القربة وقصد الوجه مأخوذا في عرض الصلاة حتى يلزم دعوة الأمر إلى جعل نفسه داعيا، ليلزم علية الشئ لعلية نفسه، بل قصد القربة والوجه غير مأخوذ في المتعلق بأي وجه كان مع قصر الأمر على ما لا ينفك عنهما فتدبر.
47 - قوله: ولا يكون إخلال حينئذ إلخ:
قد صرح - قده - في مبحث الأقل والأكثر (2) من مباحث البراءة والاشتغال بإمكان قصد الوجه غاية وتوصيفا إجمالا تارة، وتفصيلا أخرى، فإن كان الجزء الزائد زيادة لم يؤخذ عدمها في المركب، فقصد الوجه إجمالا معقول، ولا إخلال إلا بالتميز، وإن كان الجزء الزائد جزء مستحبيا ومن أجزاء الفرد كانت طبيعة الواجب منطبقة على الأكثر بتمامه وكماله، لصدق الطبيعة على الفرد بمشخصاته، فيقصد بإتيان الأكثر إتيان الواجب بما هو مفصلا لا الواجب المردد بين الأقل والأكثر.