نعم إذا كان جعل الداعي المخالف في فرض عدم وصول العادي للحكم الواقعي، فلا يلزم نقض الغرض في هذه الصورة.
وأما إذا لم يكن الغرض بذلك الحد بل بحد يوجب قيام المولى مقام جعل الداعي بحيث لو اتفق العلم به لكان محركا فحينئذ لا يمنع مثل هذا الغرض عن جعل الداعي إلى خلافه، فان جعل الداعي إلى الخلاف لا يمنع من اتفاق حصول العلم به حتى يكون نقضا للغرض، وكون الغرض بهذا الحد كما يكون تارة لضعف اقتضائه في ذاته كذلك قد يكون لابتلائه بمزاحم أقوى، فإنه إذا كان في تحصيل العلم مفسدة غالبة على مصلحة الواقع الذي أخطاء عنه الطريق فلا محالة لا يكون البعث المنبعث عن مثل هذه المصلحة المزاحمة لغرض جعل الداعي بنحو يجب على المولى ايصاله ولا بنحو مرهون بوصوله العادي، بل بنحو مخصوص بوصوله من باب الاتفاق فإنه الذي لا كلفة فيه ولا مفسدة فيه فتدبر جيدا.
هذا كله بناء على الطريقية المحضة.
وأما على الموضوعية والسببية فلا يلزم تفويت المصلحة، إلا أن الكلام في الإلتزام بالمصلحة على نحو لا يلزم منه التصويب، والشيخ الأعظم - قده - في فرائده (1) جعل السببية على وجوه ثلاثة وحكم بأن لازم وجهين منها هو التصويب الباطل، ولا يلزم في الوجه الثالث تصويب.
وقبل الشروع فيما أفاده - قده - ينبغي التنبيه، على مقدمة، وهي أن الواجب الواقعي إن كان هي الظهر مثلا وقامت الأمارة على وجوب الجمعة والتزمنا بسببية الأمارة والمصلحة في مؤداها، فالمصلحتان إما متغايرتان وجودا فقط، وإما متضادتان وجودا، وإما متسانختان.
فإن كانتا متغايرتين فقط من دون مضادة، فحيث إن المفروض وحدة الفريضة في الوقت وانه لا يجب فعلا فريضتان في وقت واحد، فلا محالة يقع