الواضح أن الفعل بلحاظ قيام المصلحة المحسنة له موجه بوجه واحد حسن لا أن كل جزء له مصلحة خاصة به، فليس لكل جزء وجه حسن، وإلا لكان هناك واجبات نفسية حيث إنها في الواقع واجبات عقلية. ومن البين أيضا أن الفعل المعنون بعنوان حسن لا يصدر موصوفا بالحسن وممدوحا على فاعله إلا إذا صدر بعنوانه بالاختيار، فإذا علم عنوانه وجب قصده وإلا وجب قصد وجهه النفسي الشرعي حتى يكون قصدا اجماليا لوجهه الحسن العقلي الواقعي حتى يصدر منه حسنا وممدوحا عليه. وأما دعوى أن جزء العبادة عبادة وكل عبادة يعتبر فيها قصد الوجه إذ لا فرق بين عبادة وعبادة فهو قياس مغالطي.
لأنه: إن أريد من العبادة ما يكون حسنا بذاته وهو المراد من العبادة الذاتية فالصغرى غير صادقة، إذ لا يجب أن يكون جزء ما هو معنون بعنوان حسن حسنا بنفسه بل هو مقوم للمعنون بعنوان حسن، فإنه مقتضى الجزئية.
وإن أريد من العبادة ما لا يحصل الغرض منه إلا إذا أتى به بداع قربى فالكبرى غير صادقة، إذ ليس الوجه في اعتبار قصد الوجه عقلا إلا ما سمعت من أنه لقصد العنوان الحسن الواقعي اجمالا فلا يجب قصد الوجه في كل عبادة بهذا المعنى بل في كل عبادة بالمعنى الأول.
268 - قوله: واتيان الواجب مقترنا بوجهه غاية ووصفا الخ:
أما بنحو الداعي فيدعوه الامر الوجوبي بما هو وجوبي إلى الواجب الواقعي فيأتي بالأكثر أو بالمتبائنين معا تحصيلا للواجب الواقعي. وأما بنحو التوصيف فليس المراد اتيان الموصوف بأنه واجب كما هو ظاهر العبارة، لما حقق في محله من أن عنوان الواجب ليس - كعنوان التأديب أو التعظيم - من عناوين المأتى به في الخارج، لوضوح أن العنوان لا ينتزع إلا بلحاظ قيام مبدئه بذات المعنون، والوجوب الحقيقي لا قيام له بالفعل الخارجي للبراهين المسطورة في مبحث اجتماع الأمر والنهي (1) بل المبدء يقوم بطبيعي الصلاة الملحوظة فانية في