فعلية منجزة بالظن، فالظن بالفراغ أجنبي عن هذا المهم بل يحتاج منجزية الظن بالطريق إلى مقدمات تقتضي منجزيته، كما اقتضت منجزية الظن بالواقع.
136 - قوله: قال فيها: " انا كما نقطع بانا مكلفون " (1) الخ:
لا يخفى عليك ان كلام صاحب الفصول - قده - (2) مبنى على مقدمتين:
إحديهما: انحلال العلم الاجمالي الكبير بتكاليف كثيرة في المحتملات بمظنوناتها ومشكوكاتها وموهوماتها بالعلم الاجمالي الصغير بمؤديات طرق مخصوصة.
ثانيتهما: دوران فعلية التكاليف ووصولها إلى حد حقيقة الحكم من الباعثية والزاجرية مدار وصولها بعد تعذر العلم بتلك الطرق المنصوبة، ومن البين أنه بعد هاتين المقدمتين لأظن بالحكم الفعلي البعثي والزجري الذي هو مدار الإطاعة والعصيان إلا في دائرة تلك الطرق المعلومة بالاجمال، وأما في غيرها فلا ظن إلا بالحكم الواقعي فقط، ومثله لا أثر له كما سيجيئ انشاء الله تعالى تحقيقه عند تعرض شيخنا الأستاذ - قده - للاشكال على دليله، وسنبين انشاء الله تعالى أن الدوران المزبور مما لا بد منه إلا أنه محال أو مجمع على بطلانه إلى غير ذلك من المحاذير كما سنبين انشاء الله تعالى انحلال العلم الاجمالي الكبير بهذا العلم الاجمالي الصغير.
137 - قوله: لا الاحتياط في خصوص ما بأيدينا الخ:
ويشهد لعدم لزوم المحذور من الاحتياط في هذه الطرق أن بناء الفقهاء على العمل بكل خبر موثوق به ولو كان ضعيفا استند إليه المشهور بالاجماعات المنقولة بل بالشهرات أيضا، وعليها يدور رحى الفقه، ولم يلزم من العمل بها اختلال النظام ولا عسر ولا حرج، فلا معنى لأن يكون الاحتياط فيها موجبا لأحدهما، إذ لا يعقل التفاوت بسبب وجه العمل من كونه بعنوان الاحتياط أو بعنوان قيام الحجة الشرعية، فلا مقايسة للعمل بمؤديات هذه الطرق المتداولة بالعمل بتمام المحتملات.