الكذب القبيح عقلا والمحرم شرعا ماذا لا ينبغي الريب في أن الصدق الخبري والكذب الخبري لا حكم لهما عقلا ولا شرعا، وانما المناط في الحسن والقبح والجواز والحرمة بالصدق والكذب المخبريين ولا ريب في أن الصدق المخبري هو القول الموافق للواقع بحسب اعتقاد الخبر الا ان الكلام في الكذب المخبري المقابل للصدق المخبري هل بينهما التقابل بالتضاد أو بنحو العدم والملكة بمعنى ان الكذب المخبري هو القول الذي يعتقد انه خلاف الواقع أو القول الذي لا يعتقد انه ليس كك في الواقع؟
والتحقيق: ان التقابل بينهما بنحو العدم والملكة وهو المعبر عنه في لسان المشرع بالقول بغير العلم، فمالا علم به ولا حجة عليه يندرج الحكاية عنه في الكذب القبيح عقلا والمحرم شرعا، ولا يختص قبح الكذب بصورة الاضرار عقلا كما لا اختصاص له شرعا. وعليه فنشر الفضيلة التي لا حجة عليها وذكر المصيبة التي لا حجة عليها قبيح عقلا ومحرم شرعا فكيف يعمها اخبار من بلغ سواء كان مفادها الارشاد إلى حسن الانقياد أو اثبات الاستحباب.
نعم، إذا قلنا بان الاخبار المزبورة تثبت حجية الخبر الضعيف فلازمه اندراج الفضيلة والمصيبة فيما قامت الحجة عليه شرعا فيخرج عن تحت الكذب المخبري القبيح عقلا ومحرم شرعا، وحينئذ ان كان اجماع فهو كاشف عن هذا المعنى لا انه تخصيص في حكم العقل والشرع، فتدبر جيدا.
السادس: إذا وردت رواية ضعيفة بالاستحباب ورواية صحيحة بعدم الاستحباب فهل يتسامح ويثبت الاستحباب أم لا؟ وتنقيح المسألة بان التنافي (1) تارة يتصور بين مدلول الخبر الضعيف ومدلول الخبر الصحيح بما هما خبران ولا شبهة في تنافيهما ذاتا، لكن لا اثر لتنافيهما مع قطع النظر عن اعتبارهما.
وأخرى: يلاحظ التنافي بين مدلول الخبر الصحيح بما هو مدلول دليل معتبر ومدلول اخبار من بلغ ولا ريب أيضا في عدم التعارض لان موضوع عدم الاستحباب فعلا نفس الفعل بعنوانه وموضوع اخبار من بلغ المفيدة للاستحباب