جعل المجئ معلقا عليه مع كونه ذا بدل، فيكون النكتة فيه إظهار حصر الموضوع في ما أخذ الشرط فيه محققا له بدعوى انه كالمحقق الذي ينتفى الحكم بانتفائه عقلا، فيكون اكد في الدلالة على انتفاء الحكم عند انتفائه من سائر القضايا الشرطية التي يدعى دلالتها على المفهوم.
99 - قوله: لأن التعليل بإصابة القوم بالجهالة (1) الخ:
حيث إن إصابة القوم بجهالة علة وهي متقدمة على معلولها وهو وجوب التبين وعدم جواز العمل بخبر الفاسق، فالعمل بخبر الفاسق من حيث نفسه جهالة لا بما هو غير حجة بل حيث إنه جهالة لم يكن حجة فالعلة مشتركة بين خبر الفاسق وخبر العادل، لعدم العلم في كليهما، ويمكن أن يقال إن ظاهر التعليل هنا وفى غير مورده من الموارد عدم كونه تعبديا بل يذكر العلة غالبا لتقريب الحكم إلى افهام عموم الناس.
ومن الواضح أن العمل بخبر من يوثق به ليس عند العقلاء من شأن أرباب الجهل، كما أن العمل بخبر من لا يبالي بالكذب من زي أرباب الجهل، وبعيد عن طريقة أرباب المعرفة والبصيرة، وإنما اغتر أصحاب النبي صلى الله عليه وآله بظهور اسلام الوليد المقتضى للتجنب عن الكذب غفلة منهم عن عداوته لبني المصطلق الداعية إلى الافتراء عليهم بارتدادهم فنبههم الله تعالى على فسقه المقتضى لعدم المبالاة بالكذب، فيقتضى التبين عن خبره، لأن الاعتماد على خبر من لا يبالي بالكذب من شأن أرباب الجهل وعليه فليس العمل بكل خبر من شأن أرباب الجهل.
لا يقال: ظاهر التعليل بإصابة القوم كون الحكم لخصوص الواقعة، لعدم سريان هذه العلة في جميع موارد العمل بخبر الفاسق.
لأنا نقول: لو كان الحكم لخصوص الواقعة لكان اللازم تكذيب الوليد، لعلمه (تعالى) بكذبه مع قيامه مقام إظهار فسقه لا ايجاب التبين والتعليل بخوف إصابة القوم فيعلم منه أن الغرض إعطاء الكلية، لأن الكاذب قد يصدق وحيث كان