لا يتمكن من تصديقه إلا على وجه الخلف بانعدام الحكم المقطوع به، إلا أنه يجدي بالإضافة إلى البعث والزجر، لا بالنسبة إلى الإرادة والكراهة بناء على أصالة الوجود وبقاء حقيقة الأعراض ك " السواد والبياض " عند الحركة والاشتداد، فذات الإرادة المقطوع بها إذا حدث فيها مصلحة موجبة لإرادتها تأكدت الإرادة، فلا يلزم اجتماع المثلين أو الخلف.
13 - قوله: قلت العقاب إنما يكون على قصد العصيان والعزم على الطغيان إلخ:
قد عرفت أن الفعل المتجرى به معنون بعنوان هتك الحرمة، وقد صدر عن اختيار بواسطة إحراز الحكم ولو كان مخالفا للواقع، فراجع (1)، وإلا قصد العصيان ليس معنونا بأحد العناوين القبيحة بالذات، ك " الظلم " لما عرفت أن العزم على الظلم ليس بظلم، لعدم كونه ذا مفسدة مخلة بالنظام، حتى يكون موردا لتطابق الآراء على قبحه.
ولا يخفى عليك أن الكلام هنا في ما يوجب استحقاق الذم والعقاب عند العقلاء من دون فرق بين أوامر الشارع والموالي، وليس الكلام في ما يقتضي إجراء العقاب كي يورد عليه باستحالة التشفي في حقه تعالى، وسيجيئ ما ينفعك إنشاء الله في دفعه.
14 - قوله: إن قلت إن القصد والعزم إنما يكون من مبادي الاختيار (2) إلخ:
قد عرفت ما يغنيك عن ذلك، لعدم ترتب العقاب على القصد بل على الهتك الاختياري، نعم إشكال انتهاء كل فعل اختياري إلى ما لا بالاختيار بل انتهاء كل ذلك إلى الإرادة الأزلية والمشية الإلهية أمر آخر لا اختصاص له بالمقام، وقد أشبعنا الكلام فيه في مبحث الطلب والإرادة (3).