تارة، ما يوافق الغرض المولوي وما لا يوافقه أو ما يوافق الغرض العقلائي وما لا يوافقه.
وأخرى، مجرد المظنون والمشكوك والموهوم.
فالأول: راجح من حيث الغرض.
والثاني: راجح من حيث وقوعه في أفق النفس.
فان أريد الأول: ففيه: أن قبحه انما يسلم إذا كان الموافق للغرض بنحو يكون تركه مخلا بالنظام حتى يكون قبيحا بحيث يذم عليه عند العقلاء ويكون ذم الشارع عقابه.
والحال أن الاغراض المولوية أي مصالح الافعال ومفاسدها لا دخل لها بالمصلحة العامة التي ينحفظ بها النظام أو المفسدة العامة التي يختل بها النظام كما مر مرارا (1)، وكذلك الاغراض العقلائية ليست دائما من المصالح العامة التي ينحفظ بها النظام أو المفاسد العامة التي يختل بها النظام، ضرورة أن الغرض الداعي لهم إلى اتباع خبر الثقة أو ظاهر الكلام ليس بحيث يكون تركه مخلا بالنظام كالظلم، مع أن هذا فيما إذا تمحض أحد الأمرين في كونه موافقا للغرض المولوي أو العقلائي في قبال الاخر لا في مثل ما نحن فيه الذي يحتمل موافقة كل منهما للغرض.
وإن أريد الثاني: فالأمر في عدم الملاك للقبح أوضح: إذ المظنون بما هو مظنون لا ملاك للقبح في تركه بنفسه إذا لم ينطبق عليه عنوان قبيح، وانطباق عنوان الظلم موقوف على حجية الظن حتى يكون خلاف ما قامت عليه الحجة ظلما قبيحا، والمفروض أن ما عدا المقدمة الخامسة لا يقتضى حجية الظن حتى ينطبق عليه عنوان قبيح وإلا لرجع الامر إن الشق الأول الذي فصلنا القول فيه.
فان قلت: هذه المقدمات محققة لصغرى الظن بالعقاب ومن الواضح أن طبع كل ذي شعور وجبلته يقتضى تقديم مظنون العقاب على محتمل العقاب إذا دار الأمر بينهما فيفر من المظنون دون غيره ولا يفر من المشكوك ويقدم على المظنون بل يستحيل أن يؤثر الاحتمال المساوي أو المرجوح في قرارهم