بوجود الناقض لا اعتبار العلم الناقض كما في الأول، فحينئذ إن علم اجمالا بوجود الحجة المعتبرة اجمالا مع العلم بعدم حجية الباقي فللناقض (1) تعين واقعي، فيسقط الأصل في مورده فقط دون الباقي، وحيث إنه مردد بين الامارات التي هي أطراف العلم، فالتمسك بعموم " لا تنقض " تمسك بالعام في الشبهة المصداقية، حيث لا يعلم أن رفع اليد عن اليقين السابق من باب نقض اليقين بالحجة أو بالشك.
وحيث إن هناك في الواقع تكاليف لزومية استصحابية فيجب الاحتياط وإن علم اجمالا بوجود الحجة المعتبرة إجمالا مع احتمال حجية الجميع فحيث انه على فرض حجية الجميع لا تعين لواحد منها لينطبق عليه المعلوم بالاجمال ليكون هو الناقض دون غيره، فلا محالة يسقط الاستصحاب في الجميع.
إذ فرض اعتبار الناقض الإجمالي يمنع عن ثبوت الاستصحاب في الجميع، وفرض عدم التمييز الواقعي المانع من انطباق المعلوم بالاجمال يمنع عن سقوط الأصل في واحد معين واقعا، فلا يمكن التعبد الاستصحابي بوجه، وارتفاع الحالة السابقة في بعضها المعين واقعا مناف لحصر الناقض في اليقين بل مناف لأصل التعبد الاستصحابي المتقوم باليقين والشك، فالفرق بين هذين الوجهين جريان الاستصحاب في ما عدا المعلوم في الأول واقعا وعدم جريانه في الجميع في الثاني واقعا، هذه غاية توضيح ما أفاده - قده - في تعليقته الأنيقة (2).
أقول: أما ما أفاده - قده - في صورة العلم الاجمالي بالانتقاض.
[ج 1 -] ففيه: ان قوله (ع) " ولكن تنقضه بيقين آخر "، إن كان محددا للموضوع لا حكما شرعيا مولويا، لما مر من البرهان على استحالة جعل الحكم المماثل على طبق اليقين بحكم، فلا محالة يرتفع الموضوع بفرض العلم الاجمالي، لأن الموضوع هو الشك المحض لا المقرون بالعلم الاجمالي، فليس إعتبار اليقين إعتبار الناقض، بل اعتباره اعتبار تحديد الموضوع بعدم (3) التعبد الاستصحابي