وأما توهم (1) أن جهة التجري غير منتزعة عن مقام ذات الفعل بل من حيث المخالفة للأمر والنهي، وهي في طول الجهة الواقعية المنتزعة عن ذات الفعل، فتؤثر كل واحدة منهما أثرها لتعدد منشأ الانتزاع، فموضوع: بأن الغرض إن كان عدم التضاد بين الأثرين لتعدد الموضوع، ففيه: أن بناء الامتناع على أن وحدة الهوية المعنونة بعنوانين يوجب التضاد، سواء كان العنوانان طوليين أو عرضيين، وإن كان عدم التزاحم، لأن الجهة السابقة لا مزاحم في مرتبتها فتؤثر أثرها ولا تصل النوبة إلى تأثير الجهة اللاحقة، ففيه: ما مر مرارا في مباحث (2) الألفاظ وسيأتي إنشاء الله تعالى أن ملاك التمانع في التأثير هي المعية الوجودية، والمانع هو التقدم والتأخر في الوجود وأما التقدم والتأخر بالطبع والذات فلا يعقل أن يجدي شيئا بعد كون المتقدم والمتأخر بالطبع لهما المعية في الوجود الحقيقي.
12 - قوله: ضرورة أن القطع بالحسن أو القبح لا يكون من الوجوه والاعتبارات (3) إلخ:
أما عدم كونه من الوجوه المحسنة أو المقبحة عقلا فواقع، إذ لا واقع للحسن والقبح عقلا ولا لكون شئ وجها موجبا لهما إلا في ظرف وجدان العقل، وعدم كون عنوان مقطوع الوجوب والحرمة من العناوين الحسنة والقبيحة بالذات ك " العدل والظلم " مما لا شبهة فيه، وكذا عدم كونهما من العناوين العرضية المنتهية إلى العناوين الذاتية ك " الصدق والكذب " لعدم كونهما ذا مصلحة ومفسدة في نظر العقل، لا بنحو العلية التامة كما في الأولى ولا بنحو الاقتضاء كما في الثانية، لكنك قد عرفت آنفا (4) أن عنوان هتك الحرمة من عناوين الفعل ووجوهه، فلا حاجة إلى إحراز عنوانية مقطوع الحرمة مثلا للفعل لإثبات استحقاق العقاب على الفعل المتجرى به.
وأما عدم كونه ملاكا للمحبوبية والمبغوضية الشرعية -