والمفروض انه لا جهة مرجحة للإرادة فيه (تعالى شأنه) إلا الحكمة والمصلحة.
وأما الإنشاء بداعي البعث والتحريك فحيث انه من الافعال دون المصالح والمفاسد فيمكن أن يوجد لمصلحة في نفسه، ودخل الفعل الخاص المقوم له في مصلحته غير كون الفعل ذا مصلحة باعثة على الانشاء بداع البعث فلا يجرى فيه البرهان الجاري في الإرادة، لكنه أيضا لا يعقل انبعاثه عن مصلحة في نفسه من دون مصلحة في الفعل المبعوث إليه لوجه آخر وهو أن الغرض الباعث على الانشاء ربما يكون مقصودا بالذات وبالأصالة بحيث لا يكون له ما وراء هذا الغرض الحاصل بالإنشاء غرض اخر كالإنشاء بداع الارشاد فإنه بنفس الانشاء المزبور يحصل إظهار الرشد والخير العائد إلى المخاطب من دون أن يكون هناك حالة منتظرة، وكالانشاء بداع التعجيز فإنه بانشائه الخاص يظهر عجزه من متعلقه، وكالانشاء بداع التسخير فإنه يسخر بنفس انشائه بخلاف الانشاء بداعي جعل الداعي.
فان امكان الدعوة وإن كان غرضا قائما بالانشاء المزبور إلا أنه سنخ غرض تبعي يراد منه التسبيب إلى ايجاد فعل الاخر ومع عدم الغرض في فعل الغير يستحيل التسبيب إلى ايجاده وتحصيله منه، فالبعث الحقيقي والتحريك الجدي إلى فعل لا يعقل إلا بلحاظ ما في الفعل من الغرض الموجب لقيام المولى مقام ايجاده التسبيبي، وبهذا يظهر تبعية الأحكام الشرعية للأغراض المولوية المنحصرة في المصالح والمفاسد القائمة بمتعلقاتها وإن قلنا بخلو التكاليف الشرعية عن الإرادة التشريعية كما بيناه مفصلا في بحث الطلب والإرادة (1) وأشرنا إليه في مسألة جعل الطريق (2).
وأما الجواب عن الأمثلة المستشهد بها في المقام.
فنقول: أما عن الأمر الامتحاني: فتحقيق القول في الامتحان والاختبار منه (تعالى) مع عدم جهله بشئ هو انه ليس المراد من ظهور انقياد العبد لأوامره