على طبقه لم يكن في حقه فلا إطاعة حقيقة للامر، حيث لا أمر، وأما محبوبيته واقعا فكفى بها مقربه له، لكنه ما أتى بالفعل بداعي محبوبيته فما يصلح للدعوة المقربة ما دعاه وما دعاه لا واقعية له حتى يضاف الفعل إلى المولى بسبب الداعي من قبله. والامر وإن كان بوجوده العلمي داعيا وهو غير متقوم بوجوده العيني لكنا قد بينا سابقا أن كون الفعل إطاعة لأمر المولى حقيقة بوجوده الواقعي باعتبار أن الامر بوجوده العلمي صورة شخصه، فينسب إلى الصورة بالذات وإلى مطابقها بالعرض، وإذا لم يكن لها مطابق فلا أمر من المولى حقيقة حتى يكون الفعل إطاعة حقيقية بل انقيادا وهو حسن عقلا لا عبادة شرعا هذا، إلا إذا فرض ترتب المصلحة على العمل المأتى به ولو بعنوان الانقياد وهو كلام آخر.
وحيث عرفت عدم خلو الأجوبة المذكورة عن المحذور فاعلم أنه يمكن أن يقال في دفع اشكال الاستحالة بنحو لا ينافي ما وصل إلينا من الأدلة أن ما عدا الاجزاء الأركانية يمكن أن يكون متقيدا بالالتفات إليه بأن يكون الدخيل في الغرض الجزء الذي التفت إليه المكلف بطبعه لا الجزء عن التفات، كالصلاة عن طهارة حتى يجب تحصيله بقيده بل القيد سنخ قيد بوجوده بطبعه ومن باب الاتفاق، أو يكون الجزء بذاته دخيلا في الغرض لكنه لا مصلحة في الالزام به إلا إذا التفت إليه.
وعلى أي حال فلا جزئية إلا لذات الجزء الملتفت إليه فالتكليف بنحو القضية الحقيقية متعلق بالمكلف بالإضافة إلى كل جزء من الاجزاء المعلومة بالأدلة مع الالتفات إليه فمن التفت إلى الجميع فهو مأمور واقعا بالجميع ومن التفت إلى البعض فهو واقعا مأمور بالبعض وليس في أخذ الالتفات إلى ذات الجزء محذور أخذ النسيان كما لا يلزم منه سائر المحاذير الواردة على سائر الأجوبة. ومع معقولية هذا الاحتمال لا قطع بالامر الواقعي بالتمام بالإضافة إلى الناسي حتى يكون الشك فيه راجعا إلى سقوطه باتيان ما عدا المنسى لحصول ملاكه به، بل لاشك في أصل تعلق التكليف به مع الالتفات إليه. هذا كله بالنظر إلى مقام الثبوت وامكان الامر بما عدا المنسى.