الصلاة فرض تعلق الوجوب بطبيعي الصلاة لا بحصة منه، ولازمه الخلف.
والتحقيق: أن جعل الإيجاب واقعا على طبق ما اعتقده القاطع من الوجوب بحيث لا يكون وجوب واقعا قبل حصول القطع به من باب الاتفاق ليس فيه محذور الخلف، بخلاف جعل الوجوب على المعلوم الوجوب بنحو القضية الحقيقية حتى يصير الحكم فعليا بفعلية موضوعه، فإن فيه محذور الخلف، إذ يستحيل حصول العلم بالوجوب بوصول هذه القضية مع ترتب الوجوب على العلم بالوجوب، وكون فعلية الحكم بفعلية موضوعه والمبني على أمر محال محال فجعل الحكم هكذا محال، بل القسم الأول محال من وجه آخر فإن جعل الحكم بعثا وزجرا لجعل الداعي، ومع فرض العلم بالوجوب من المكلف يلغو جعل الباعث له فتدبر.
28 - قوله: ولا مثله للزوم اجتماع المثلين (1) إلخ:
قد أشرنا سابقا إلى أن اجتماع المثلين مبني على أن يكون الحكم هو البعث والتحريك الخارجي بخارجية منشأ انتزاعه، وأما لو كان الحكم عبارة عن نفس الإرادة والكراهة فلا يلزم منه اجتماع المثلين، بناء على أصالة الوجود وبقاء حقيقة العرض عند الحركة والاشتداد، فإن ذات الإرادة المقطوع بها باقية عند تأكدها، فلا يلزم الخلف بانعدامها ولا اجتماع المثلين بقائها وتأكدها، والإرادة الموجودة من الأول إلى الآخر موجود واحد مستمر ينتزع عنها مرتبة ضعيفة في أول أمرها ومرتبة شديدة في آخر أمرها.
ولا يخفى عليك أن التحريك التنزيلي المنتزع عن الإنشاء بداعي جعل الداعي وإن كان يصح اعتبار الشدة والضعف فيهما كما في التحريك الحقيقي الخارجي لكن لا بنحو الحركة والاشتداد، بداهة أن الإنشائين الصادرين لجعل الداعي ليس بينهما اتصال في الوجود الوحداني كي يجري فيهما الحركة والاشتداد، وإن كان يختلف قول الطبيعة على أفراد التحريك التنزيلي بالشدة والضعف.