أخذ عنوان المكلف يلزم توجه بعثين أيضا إلى الناسي، لأنه كالملتفت في توجه التكليف بالتام إليه، لعدم خصوصيته في عنوانه توجب عدم توجهه إليه، وحيث إن النسيان علة لتوجه تكليف آخر بما عدا المنسى فلا محالة يكون مكلفا بذاته بتكليف آخر. نعم، الملتفت لعدم العلة الموجبة لتوجه تكليف آخر إليه ليس له إلا التكليف بالتمام.
وعليه، فنقول: إن الناسي إما لا تكليف له أصلا أوله التكليف بما عدا المنسى، أوله التكليف بالتمام. والأول خلاف الاجماع والضرورة، إذ محل الكلام هو التكليف بالمنسي واقعا لا التكليف مطلقا ولو بما عداه. والثاني يلزم منه المحال بالتقريب المتقدم. والثالث هو المطلوب غاية الامر أنه في حال الغفلة والنسيان لا يؤاخذ بترك التام إلا أنه بعد الالتفات يجب عليه اتيان ما هو مكلف به واقعا. هذه غاية تقريب ما سلكه شيخنا العلامة الأنصاري (1) - قدس سره - في عموم الجزئية لحال النسيان. وأجيب عنه بوجوه.
أحدها: أن يكون المكلف بعنوانه مأمورا بما عدا الجزء المنسى ويكون مطلقا من حيث فعل ذلك الجزء وتركه، ثم يقيد ذلك الاطلاق في حق الملتفت باتيان ذلك الجزء فالملتفت عنوان التكليف بذلك الجزء، وما أتى به الناسي مطابق لامره الواقعي من دون لزوم التكليف بما عدا المنسى بما هو معنون بعنوان الناسي، وفيه أنه خلاف ما وصل إلينا من أدلة الاجزاء ودليل المركب حيث إنه أمر فيها بالتمام بعنوان ذاته لا أنه أمر المكلف بما عدا المنسى مطلقا، مضافا إلى أنه لا تعين للمنسي حتى يؤمر بما عداه مطلقا وبه مقيدا بالالتفات فلابد من الالتزام بتعدد البعث بعدد ما يتصور من أنحاء نسيان الجزء إطلاقا وتقييدا.
ثانيها: أن يختص الناسي بما عدا المنسى لا بعنوان النسيان حتى يلزم المحال، بل بعنوان واقعي يلازمه كأن يقول من كثرت رطوبة مزاجه فهو مكلف بالتكبيرة والقرائة وغيرها مع عدم عد ذكر الركوع مثلا في عدادها، فالمأتي به في