العقوبة دون غيرها.
ولا يخفى أنه بناء على ما استظهرناه (1) من عدم كون كلمة " لعل " للترجي وانها كلمة الشك كما في الصحاح فشأنها جعل مدخولها واقعا موقع الاحتمال فيكون نفس جعل التحذر واقعا موقع الاحتمال كاشفا عن حجية الانذار، إذ يستحيل مع وجود قاعدة قبح العقاب بلا بيان أن يكون مجرد الاخبار بالتكليف أو بلازمه وهو العقاب المجعول، موجبا للحدوث الخوف، فجعله موجبا لحدوث الخوف بنحو الاقتضاء دليل على فعلية العقاب المجعول بمجرد الاخبار عنه فيكون الخبر منجزا للعقاب المجعول وسيأتي انشاء الله تعالى بقية الكلام.
108 - قوله لعدم اطلاق يقتضى وجوبه على الاطلاق (2) الخ:
التحذر وإن لم يكن له في نفسه إطلاق نظرا إلى أن الآية غير مسوقة لبيان غايتية الحذر ليستدل باطلاقه بل لايجاب النفر للتفقه، إلا أن إطلاقه يستكشف باطلاق وجوب الانذار، ضرورة أن الانذار واجب مطلقا من كل متفقة - سواء أفاد العلم للمنذر أم لا - فلو كانت الفائدة منحصرة في التحذر كان التحذر واجبا مطلقا وإلا لزم اللغوية أحيانا، كما أن التحذر إذا كان هي الغاية للانذار فوجوب الانذار مقدميا إذا كان مطلقا يكشف عن اطلاق وجوب ذي المقدمة، لاستحالة إطلاق أحدهما واشتراط الاخر، وتبعية وجوب المقدمة لوجوب ذيها أصلا وإطلاقا وتقييدا بحسب مقام الثبوت لا ينافي تبعية وجوب ذي المقدمة لوجوب المقدمة بحسب مقام الاثبات كما في كل علة ومعلول ثبوتا واثباتا.
نعم، هنا وجهان لمنع إطلاق وجود الانذار حقيقة ولبا:
أحدهما: ما عن بعض أجلة العصر (3) من أن الانذار الواجب من باب المقدمة هو الانذار المفيد للعلم فيكون الوجوب في المقدمة وذيها مقيدا إلا أن ذلك الانذار الخاص حيث لا تميز له من بين سائر الانذارات أوجب المولى كل انذار مطلقا للتوصل إلى مقصوده الأصلي وهو الانذار الخاص الذي هو المقدمة