بحكم العقل، فالمحذور زيادة على المنافاة بين الحكم المعلوم بالإجمال والترخيص الشرعي، لزوم الإذن في الظلم، وهو قبيح، وقد عرفت وجه كون ترك الموافقة القطعية ظلما.
وإن كان الترخيص شرعيا والعقاب بجعل الشارع فالمحذور الزائد على المنافاة بين نفس الحكمين، هو التنافي بين جعل العقاب ورفعه وإثباته ونفيه، كما بيناه، حيث إن ضم غير الواقع إلى الواقع لا يحدث عقابا للواقع، ولا مورد للمحذور المتقدم وهو الإذن في الظلم، إذ العقاب كما عرفت ليس بملاك كونه ظلما، وإن كان الترخيص عقليا والعقاب بحكم العقل، فليس فيه محذور المنافاة بين الحكمين، إذ ليس الترخيص العقلي من مقولة الحكم بل مجرد الإذعان بالمعذورية، وكونه معذورا عند العقلاء وعدم كونه معذورا لكونه مذموما عليه بملاك الظلم، متنافيان، وإن كان الترخيص عقليا وجعل العقاب شرعيا فليس فيه محذور المنافاة بين الحكمين ولا الإذن في الظلم، إذ ليس هناك مقولة الإذن ولا العقاب بملاك الظلم، بل المعذورية عند العقل، مع فرض كونه معاقبا عليه شرعا ولازمه عدم المعذورية لا يجتمعان.
45 - قوله: أن المناسب للمقام هو البحث عن ذلك إلخ (1):
لا يخفى عليك أن كل ما كان من شؤون العلم ومقتضياته فهو المناسب للمقام، وكل ما كان من شؤون الجهل فهو من مقاصد المقصد الآتي في البراءة والاشتغال، وهذا ينطبق على ما أفاده - قده - إذ الاقتضاء لاستحقاق العقاب من شؤون العلم، والمانعية من شؤون الجهل، وعلى ذكرنا سابقا (2) من عدم التفاوت بين العلمين التفصيلي والإجمالي في حد العلمية، وأنهما ليسا طورين من العلم يتمحض البحث في إمكان جعل الجهل التفصيلي عذرا عقلا وشرعا، فلا مجال للبحث عنه إلا في المبحث الآتي، لكنك قد عرفت سابقا أن الاقتضاء بمعنى السببية لقابل لمنع المانع غير معقول (3) هنا لأن نسبة الموضوع إلى